العلويون في تركيا يطالبون بحقوقهم تحت حماية الاتحاد الأوروبي
26 جمادى الأول 1426

للمرة الأولى في تاريخ تركيا تخرج المؤسسة البكتاشية والدراويش العلوية إلى الواجهة العلنية بهذه القوة لترفع صوتها ضد أنقرة حاملة سلاح الجرأة المستمدة من التقرير الأوروبي الذي صدر بحق تركيا العام الماضي وقضى بأمرها في منح الأقليات حقوقهم الثقافية والدينية والتعليمية.<BR><BR>وبهذه القوة الأوروبية يستعد نحو ألفي علوي في تركيا إلى رفع دعوة قضائية ضد رئاسة الوزراء ووزارة التعليم العالي تحت ادعاء "عدم الاعتراف بحقوقهم المذهبية".<BR>ونقلت صحيفة "مللييت" التركية عن البروفيسور عز الدين دوغان رئيس الجمعيات العلوية في تركيا، قوله: إنهم سيرفعون هذا الدعوى لاسترداد حقوقهم الديمقراطية والمذهبية المهضومة في البلاد وبأن الجمعيات العلوية بدأت بالمعاملات القانونية اللازمة لرفع هذه القضية إلى المحكمة الإدارية وأضاف "لقد تريثنا طويلا قبل رفع هذه الدعوة حتى لا نعرقل المفاوضات الأوروبية مع تركيا في الـ17 من ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، لكن هذا الانتظار لم يجد نفعا لحد الآن" واستطرد قائلا:"لهذا السبب نحن قررنا رفع القضية إلى المحكمة لتنظر فيها قانونيا العدد الحالي (أي الألفين علوي) هو مبدئي لان عشرات الألوف سيدعموننا بعد انتقالها إلى المحكمة".<BR><BR>وبينما أشار رئيس الجمعيات العلوية في تركيا إلى أن المحكمة بحاجة إلى إذن خاص من رئاسة الوزراء لتداول هذه القضية فقد أكد أن رئاسة الوزراء بدورها مضطرة للرد على هذا الطلب في غضون شهرين بالكثير.<BR>وقال البروفيسور دوغان: إن الدعوى متصلة بالمطالبة بحقوق مذهبية علوية مساوية للسنية في تركيا وأيضا استثناء العلويين من الدروس الدينية الإجبارية أو إدخال المذهب العلوي ضمن مفردات درس "الدين والأخلاق" في المناهج التعليمية وبأن يتم السماح بالتعريف عن هذا الدين عبر أجهزة التلفاز والإعلام، كما تتعلق الدعوى أيضا بحرمان الجمعيات العلوية من تمويلات الدولة المالية وتجاهل الحكومات المتعاقبة لهذا الأمر.<BR><BR>هذا ومن المتوقع أن يتحول موضوع العلويين إلى قضية ساخنة في العلاقة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي الذي يطالب الحكومة دائما بالاعتراف بالحقوق القومية والدينية والثقافية لجميع الأقليات.<BR>ويقول العلويون: إن عددهم حوالي 20 مليونا من أصل 70 مليونا هم سكان تركيا وهي نسبة كبيرة من أصوات الناخبين مما يجعلهم أحيانا يلعبون دورا مركزيا في الحياة السياسية، وكانت البلاد قد شهدت الكثير من الأحداث الدموية التي استهدفت العلويين خلال السنوات الماضية وأدت إلى مقتل المئات منهم.<BR>ويعرف أن العلويين في تركيا ينقسمون إلى مجموعتين: الأولى تعيش في المناطق القريبة من سوريا وبشكل خاص في منطقة اسكندرون وهي امتداد للعلويين في سوريا والدول العربية الأخرى، أما الآخرون فيعرفون باسم "علويو الأناضول" ويختلفون عن المقيمين في المنطقة العربية فهم لا يصومون ولا يصلون ولا يحجون ولا يجمعهم بالسنة أي شيء تقريبا.<BR><BR>كما يلتقي العلويون رجالا ونساء في دور عبادة خاصة ويقومون بعباداتهم التي تشبه الصلاة، ولكن برفقة الموسيقى التي يعزفها رجال الدين حيث يقول رجال الدين من السنة: إن علويي الأناضول هم خليط للثقافة التركية القادمة من آسيا الوسطى بعد اختلاطها أولا بالعرب من السنة ثم الشيعة في إيران وأخيرا بالبيزنطية بعد مجيء الأتراك إلى منطقة الأناضول في بدايات القرن الحادي عشر.<BR><BR>من الناحية الاجتماعية العلويين كانوا محرومين من إمكانية تعليم أسس عبادتهم ومفاهيمهم في المؤسسات التعليمية الرسمية والمدارس. ولمواجهة هذا العجز أخذت الأديرة البكتاشية على عاتقها تنظيم أمور الجماعات العلوية وطقوسهم.<BR>والمؤسسة البكتاشية والدراويش الموجودين في هذه الأديرة وصلوا إلى درجة متقدمة من التنظيم رصده بسهولة في أرشيفاتهم، أما الأجداد فقد عملوا على نقل التقاليد من جيل لأخر بشكله الشفوي العلوي والبكتاشي تسميات مترادفة للعلويين ترجع إلى الولي بكتاش ولكن بصورة عامة الأديرة البكتاشية اتسمت بالتدوين والمخطوطات والفلسفة وهي مراكز العلويين في المدن أما العلوية فهي في القرى والبدو الرحالة.ويتم الإشراف على ممارساتهم طقوسهم من قبل الأجداد أو الشيوخ وتنتقل العادات والتقاليد من جيل لأخر بهذا الشكل، إذ ليس لديهم إلا القلة من الكتب وهي على الأكثر بشكل كتيبات صغيرة يحتفظ بها الشيوخ في بيوت الجيم.<BR><BR><font color="#0000FF">العلويون والدولة.. </font><BR>لقد كان العلويون يقترعون عادة للأحزاب العلمانية اليسارية التي لا يوجد في صفوفها محافظون أو إسلاميون ولكن منذ أن بدأ العلويون بالمطالبة إما بالتمثل في رئاسة الشؤون الدينية القائمة أو بإنشاء مجلس خاص بهم وهم يواجهون بالرفض من كل الأحزاب ومن بينها الأحزاب العلمانية اليسارية.. وهو الأمر الذي دفعهم خلافا للسابق إلى عدم التصويت لصالح الأحزاب العلمانية اليسارية.وفي هذا الإطار، يمكن القول بأنهم الآن في مأزق؛ لأنهم لم يحصلوا من اليسار العلماني على مطالبهم كما لا يستطيعون التصويت لصالح الأحزاب الأخرى سواء علمانية يمينية أو إسلامية؛ لأن الغلبة في هذه الأحزاب للاتجاهات السنية.<BR><BR>وهم الآن في صدد بلورة مشروع خاص بهم كتأسيس أحزاب لهم على سبيل المثال لكنهم مع ذلك لم ينجحوا في تحقيق هذا الهدف، وهم بدورهم منقسمون إلى عدة اتجاهات، لكن الثابت أن الصوت العلوي لم يعد مضمونا لأي حزب من الأحزاب، مع العلم أن تصويتهم في السابق لأحزاب اليسار العلماني كان يضخ لهذه الأحزاب قوة انتخابية هائلة، نظرا لأن عدد العلويين في تركيا لا يقل عن ثلث السكان.<BR>الأهم بالنسبة للعلويين الأتراك هو ألا يصل إسلاميون إلى السلطة؛ نظراً للعداوة التاريخية بين الطرفين في العهد العثماني، أي أن الصوت العلوي قد لا يذهب إلى حزب علماني يساري أو يميني، ولكنه حتماً لا يذهب إلى أي حزب ذي اتجاهات إسلامية.<BR><BR>خلاصة الكلام أنه مهما حاول صناع السياسة الأتراك إنكار حقيقة أن مرحلة انتقال تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بدأت تشكل خطرا فعليا على وحدتها وتماسكها وسط الأقليات التي تخرج كل يوم لتطالب بحقها وحقوقها وأخرهم من العلويين.. فإن الحقيقة الواضحة كالشمس هي أن هناك قوى خارجية تريد أن تدفع حكومة حزب العدالة والتنمية الوقوف أمام الأمر الصعب وإجبارها على الاعتراف بحقوق الأكراد، خصوصاً والعلويين وغيرهم من الأقليات عموماً، وسط الهجوم العرقي ضدها المدعوم أوروبياً.<BR><br>