إسلاميو ماليزيا يقودون قوى المعارضة
21 جمادى الثانية 1426

في خطوة توافقت تماماً مع طبيعة المرحلة السياسية التي تحياها ماليزيا، استفاد إسلاميو ماليزيا من نتائج الانتخابات البرلمانية في 2004م والتي شهدت تراجعاً كبيراً لهم وفقدانهم حكم ولاية ترينجانو – حيث شهد المؤتمر السنوي للحزب الإسلامي الذي عقد في 3-5 يونيو الماضي حدثين يوحيان بنظرة واسعة للمستقبل .<BR><font color="#0000ff">ديمقراطية داخلية</font><BR>حيث شهدت الانتخابات الداخلية للحزب -التي جرت للمرة الأولى منذ 54 عاماً- انتخاب وجوه جديدة من الإصلاحيين ذوي الكفاءات العلمية، وهم: حسام موسى، ومحمد سابيو، وحسن علي في مناصب نواب رئيس الحزب الثلاثة، كما فاز الإصلاحي "نشر الدين عيسى" بمنصب وكيل الرئيس، ويعد هذا الفوز لجيل الشباب تمهيداً لتقارب رؤى الحزب الإسلامي مع (الزعيم المعارض) أنور إبراهيم الذي دعاه الحزب مسبقاً إلى الانضمام إلى تحالف لقوى المعارضة من أجل إسقاط حزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة الحاكم. غير أن أنور إبراهيم حث من جانبه الحزب الإسلامي على "التقليل من الطابع الإسلامي الذي يظهر به؛ لإقناع الناخبين غير المسلمين بأفكاره، وتحسين صورته المشوهة لدى الغرب".<BR> ويعد الحزب الإسلامي هو حزب المعارضة الرئيس في ماليزيا، ويرفع شعار تكوين دولة إسلامية تطبق حدود الشريعة الإسلامية، وقد مُني الحزب بهزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2004م؛ حيث لم يفز إلا بـ5 مقاعد، بينما كان يتمتع في البرلمان السابق بـ27 مقعداً، ويبلغ إجمالي عدد مقاعد البرلمان 219. كما فقد الحزب سيطرته على ولاية "تيرنجانو" التي كان قد حقق فيها انتصاراً تامّاً خلال انتخابات عام 1999م، وجاء فوزه في ولاية "كيلانتان" الشمالية التي حكمها طيلة 30 عاماً بأغلبية بسيطة جداً، ولا يسيطر الحزب حالياً إلا على هذه الولاية.<BR> ووقف وراء تلك النتائج حملة تشويه كبيرة قادها الحزب الحاكم والإعلام الحكومي اتهم فيها الإسلاميين بالإرهاب والتطرف وإقصاء المرأة وإبعاد المسيحيين وغير المسلمين، ويمثل المسلمون 60% من سكان ماليزيا البالغ عددهم 25 مليون نسمة، كما يوجد بالبلاد أقلية غير مسلمة؛ إذ يمثل الصينيون 25% من السكان، والهنود 7.5%. <BR><font color="#0000ff">أنور إبراهيم قائداً للمعارضة</font><BR>وجاء التطور الأبرز في الساحة الماليزية بموافقة أنور إبراهيم (نائب رئيس الوزراء الماليزي السابق) على دعوة الحزب الإسلامي الماليزي له لقيادة تحالف المعارضة الذي يهدف إلى إسقاط حزب "منظمة الملايو الوطنية المتحدة" الحاكم بزعامة (رئيس الوزراء الماليزي) عبد الله بدوي. شرط الالتزام بالإصلاح والديمقراطية والعدالة للجميع"، وكان الحزب الإسلامي قد دعا خلال المؤتمر السنوي للحزب الذي انعقد بولاية "كيلانتان" الشمالية أنور إبراهيم للانضمام إلى صفوفه؛ "لتمتعه بشخصية كاريزمية من شأنها دعم الحزب"، كما دعا كافة قوى المعارضة إلى الانضمام للتحالف لإسقاط حزب "منظمة الملايو الوطنية المتحدة" الحاكم الذي يهيمن على السلطة بالبلاد منذ 48 عاماً، وأعلن الحزب الإسلامي الماليزي استعداده للتحالف مع جميع أطياف المعارضة، بما فيها غير المسلمين. ورداً على ذلك دعا أنور إبراهيم الحزب الإسلامي إلى التقليل من الطابع الإسلامي الذي يظهر به؛ لإقناع الناخبين غير المسلمين بأفكاره، وتحسين صورته المشوهة لدى الغرب، وسيضم تحالف المعارضة عدداً من الأحزاب منها الحزب الإسلامي وحزب "العمل الديمقراطي" وحزب "العدالة الوطنية، والذي تسبب انقسامها لهزيمتها الثقيلة في انتخابات 2004م بسبب تشتت أصوات الناخبين بين تحالف الحزب الإسلامي وحزب العدالة من جهة، وحزب العمل الديمقراطي من جهة أخرى.<BR><BR><font color="#0000ff">الإعلام سلاح حكومي مضاد</font><BR>وإزاء محاولات الحزب الإسلامي للتنسيق مع القوى الماليزية والتعاون مع أنور إبراهيم الذي قام بعدة جولات في أنحاء البلاد وتحدث في عدد من التجمعات السياسية للمطالبة بإجراء تحقيق خاص في كافة أشكال الفساد التي حدثت في عهد القيادات السابقة الحالية، وبدأت الحكومة مواجهة تلك المساعي بحملة تشويه إعلامية على محورين الأول اعتماد السياسة الإعلامية القديمة لتشويه صورة الحزب الإسلامي بوصفه يسعى لتطبيق الحدود وقطع أيدي الناس ، والثانية تهديد كل من يعجب بأفكار أنور إبراهيم، حيث تم الصحف ووسائل الإعلام المحلية بشكل سري أن أنور يمثل تهديداً أمنياً؛ لأنه يسبب انقسام هذا المجتمع المتعدد الأعراق الذي تمثل وحدة أبنائه حجر الأساس في استقراره". كما تلقت الجامعات الماليزية والطلاب المقيمون في الخارج تهديدات بفقد المنح الدراسية إذا ما حضروا المحاضرات التي يلقيها أنور إبراهيم.<BR>الأمر الذي يعرقل جهود المعارضة وطموحات أنور إبراهيم الذي يسعى لاستعادة دوره السابق في السياسة الماليزية، بوصفه أول وزير مالية يقدم الأطروحات الإسلامية في النظام الاقتصادي ويطبقها بنجاح في قطاعات هامة في الاقتصاد الماليزي مثل قطاع التأمين والاستثمارات والبنوك.<BR>يذكر أن أنور إبراهيم ممنوع من تقلد أي منصب رسمي حتى عام 2008 م ما لم يصدر مرسوم ملكي بخلاف ذلك، حيث كان قد اعتقل عام 1998م على خلفية ما أسماه "تهما ملفقة بالفساد وممارسة الشذوذ الجنسي"، كما عُزل من منصبه كـ(نائب لرئيس الوزراء الماليزي السابق) محاضير محمد الذي كان القوة المحركة وراء سجنه تحت طائلة قانون الأمن الداخلي. وقد قُدم أنور إبراهيم للمحاكمة بتهمتي الفساد واللواط ، وتم الإفراج عنه في سبتمبر 2004م. ولكن بفضل صلاته الإسلامية وحضوره الطاغي اكتسب إبراهيم -مؤسس حركة الشباب الإسلامي عام 1971م- عدداً كبيراً من المؤيدين بين الأغلبية المسلمة في ماليزيا أثناء توليه منصب نائب رئيس الوزراء، كما ساعد ارتداؤه الملابس ذات الصبغة الحديثة والعصرية ودعمه لاقتصاد السوق الحرة على انتشار صورته في الصحف الأجنبية والدوائر المالية الدولية، حيث وصفته مجلة "نيوزويك" عام 1998م بأنه "رجل العام الآسيوي"، لكن يبدو مع ذلك أن شعبيته تضاءلت خلال سنوات سجنه، كما مني حزب "العدالة الوطنية" الذي تم تشكيله لدعم قضية إبراهيم بهزيمة شبه تامة في الانتخابات البرلمانية عام 2004م؛ إذ لم يفز الحزب إلا بمقعد برلماني وحيد اقتنصته زوجة أنور إبراهيم "وان عزيزة وان إسماعيل".<BR><font color="#0000ff">تجديد الخطاب الإسلامي</font><BR>ولعل سياسة الحزب الجديدة التي تسعى للانفتاح على كافة القوى السياسية في المجتمع بهدف بناء تحالف وطني لمجابهة سيطرة حزب الملايو المتحد الذي يقوده عبد الله بدوي، والذي تتهمه المعارضة بالفساد الاقتصادي والسياسي –تتطلب- إدخال تغييرات على الخطاب السياسي للحزب استجابة للتغييرات التي يشهدها المجتمع الماليزي دون أن يعني ذلك تخلياً عن ثوابته ورؤيته الإسلامية التي تهدف لنشر الأخلاق في المجتمع، وإقامة الدولة الإسلامية التي تعد الهدف الأساسي للحزب". إضافة لتحسين صورة الحزب الإسلامي في المجتمع الماليزي من أجل كسب أكبر تأييد شعبي ممكن. <BR><BR><font color="#0000ff">تحديات مستقبلية</font><BR>ويكتنف مسار الحزب الإسلامي تحديات جمة عليه التعامل معها بحرفية وبراجماتية عالية المستوى، ويقبع على قائمتها الهيكل التنظيمي للحزب في أنحاء البلاد؛ نظراً لاتساع قاعدته التي تبلغ نحو مليون عضو منتشرين في ولايات ساباه وساراواك وبينينسولار؛ بما يستلزم صياغة رزمة سياسات لتثقيف أعضائه ورسم سياساته في ضوء الانفتاح على كافة قوى المجتمع من بوذيين ولا دينيين وغيرهم من المسيحيين ، علاوة على منح المرأة تمثيلاً واسعاً في نشاطات الحزب ، لمواجهة اتهامات الإعلام التغريبي الذي يتهم الإسلاميين بتهميش المرأة.<BR>محاولات إلغاء قانون الأمن الداخلي، حيث تعهد هادي اوانج (زعيم الحزب الإسلامي) بمواصلة الكفاح من أجل إلغائه وإقامة نظام قضائي أكثر عدالة، وهو قطاع يواجه انتقادات كثيفة نظراً للتدخلات السياسية في قرارات القضاة في القضايا السياسية الكبرى، خاصة بعد أحداث سبتمبر 2001م التي تعد مدة سوداء في تاريخ ماليزيا لنظراً لقتل عدد كبير من العلماء وسجن الآلاف الشباب المتدينيين بحجج واهية تصب في صالح تثبيت عرى النظام الحاكم ، في ظل اتهامات واشنطن لدول شرق آسيا الإسلامية بإيواء الإرهابيين والجماعات الإسلامية الساعية لإقامة دولة إسلامية موحدة في ماليزيا وأندونيسيا وسنغافورة وتايلاند...<BR><br>