وزارة العدل الأميركية تكثف اعتقال المسلمين
29 جمادى الثانية 1426

فيما يمكن اعتباره لطمة جديدة لإدارة جورج بوش التي تدعي تزعمها لحملات حقوق الإنسان في العالم (!)، وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" والاتحاد الأميركي للحريات المدنية الاتهام إلى وزارة العدل الأميركية بالزج بعشرات المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة في غياهب السجون منذ أحداث 11 سبتمبر 2001م، وذلك في إطار تطبيق قانوني متعسف يحتال لاعتقال الشهود الجوهريين في القضايا الهامة.<BR><BR>ففي تقرير صدر مؤخراً، أوضحت المنظمتان المذكورتان أن وزارة العدل قامت باعتقال 70 رجلاً على الأقل جميعهم مسلمون عدا واحد بموجب قانون فيدرالي متزمت التطبيق يسمح باعتقال "الشاهد الجوهري" الذي تكون لديه معلومات هامة حول قضية أو جريمة ما، واحتجازه لمدة محددة لضمان عدم فراره وإدلائه بشهادته أمام هيئة المحلفين أو أمام المحكمة المختصة.<BR><BR><font color="#0000ff">احتيال على القانون</font><BR>ويقول التقرير: إن المسؤولين الفيدراليين يقومون بتطبيق القانون بشكل متعسف، فبالرغم من أنهم يشتبهون في تورط هؤلاء المعتقلين في حوادث ما يسمى بـ"الإرهاب"، فإنهم يقومون باحتجازهم كشهود جوهريين وليس كمشتبه فيهم. ولم يتم عرض ما يقارب نصف هؤلاء الشهود على هيئة المحلفين أو المحكمة للإدلاء بشهاداتهم، وقد اعتذرت الحكومة الأمريكية إلى ثلاثة عشر منهم، بسبب اعتقالهم بشكل خاطئ، ولم يتم توجيه تهم تتعلق بالإرهاب إلا لعدد قليل من هؤلاء المعتقلين.<BR><BR>وفي هذا الصدد، يقول جيمي فلنر (مدير برنامج الولايات المتحدة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية): "إن هؤلاء الرجال ضحايا لوزارة العدل التي أرادت الاحتيال على القانون". وأوضح فلنر أن من يُشتبه في أنهم مجرمون يعاملون بطريقة أفضل من الطريقة التي يعامل بها الشهود الجوهريين.<BR>ويظهر التقرير كيف أن وزارة العدل الأميركية حرمت هؤلاء الشهود من أبسط الضمانات التي تكفل تطبيق الإجراءات السليمة للاعتقال، وكيف أنه لم يجر إبلاغ كثير منهم بالتهم الموجهة إليهم والأسباب التي من أجلها تم توقيفهم واعتقالهم، ولم يسمح لمحاميهم بالوصول إليهم أو الاطلاع على الأدلة التي سيقت ضدهم. <BR>وكشف التقرير عن أن وزارة العدل لم تقم بتأمين الحماية الأساسية ولم توفر المتطلبات القانونية الخاصة بالشهود المعتقلين طوال مدة احتجازهم بطريقة غامضة وظروف أكثر غموضاً، كما أن من كان وافر الحظ من بين هؤلاء، فقد جرت محاكمته خلف أبواب مغلقة وفي أجواء من السرية التامة.<BR><BR>كما ويقول التقرير: إن وزارة العدل دأبت على رفض الكشف عن عدد الشهود الجوهريين الذين تم اعتقالهم ضمن تحقيقاتهم التي تمت بزعم مكافحة الإرهاب، لكن منظمة "هيومن رايتس ووتش" والاتحاد الأميركي للحريات المدنية تمكنتا من تحديد هوية 70 رجلاً من هؤلاء الشهود الجوهريين. وقالت المنظمتين: إن 17 من هؤلاء مواطنون أميركيون، وكلهم مسلمون ما عدا واحدا فقط.<BR><BR><font color="#0000ff">استهداف المسلمين</font><BR>تقول أنجانا مالهوترا التي وقفت وراء صياغة التقرير، والتي تحتل مكانة مرموقة في كل من منظمة "هيومن رايتس ووتش" والاتحاد الأميركي للحريات المدنية أن التعجل وانعدام الكفاءة والتحامل صفات لازمت رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين وقفوا وراء موجة الاعتقالات، "فقد جرى اعتقال المواطنين المسلمين لأسباب واهية مثل ترددهم على نفس المسجد الذي تردد عليه أحد مرتكبي أحداث 11 سبتمبر 2001م أو حيازتهم سكيناً صغيرة!".<BR>ويورد التقرير تفاصيل عن كيفية اعتماد وزارة العدل الأميركية على أدلة كاذبة وأسباب واهية وغير ذات صلة بالقضية أو الأمر لإصدار مذكرات اعتقال بحق هؤلاء المواطنين، وإقناع المحكمة باحتمال فرارهم لإيجاب توقيفهم، وبالرغم من أن معظم هؤلاء سبق لهم أن تعاونوا مع السلطات الفيدرالية قبل اعتقالهم، وأثبتوا عدم حيازتهم على معلومات ذات صلة بأية محاكمة جنائية، إلا أنه يتم اعتبارهم شهوداً جوهريين ويصار إلى اعتقالهم هكذا.<BR><BR>ويؤكد لي جيليرنت (أحد كبار المحامين العاملين في مشروع حقوق المهاجرين التابع للاتحاد الأميركي للحريات المدنية) "أن الاستخدام غير القانوني لصفة الشاهد الجوهري من قبل وزارة العدل من أكثر الانتهاكات الحكومية التي أعقبت 11 سبتمبر 2001م تطرفا وإن كان أقلها شهرة"، ويضيف "أن الانتهاكات المتعلقة بالشهود الجوهريين مثال ساطع على ما يحدث عندما تغيب الرقابة الشعبية على الأفعال الحكومية".<BR><BR><font color="#0000ff">معاملة سيئة </font><BR>ويكشف التقرير عن أن الشهود كانوا يعتقلون في الولايات المتحدة طوال السنوات الأربع الأخيرة تحت تهديد السلاح، ويوضعون طوال الوقت في الحبس الانفرادي، ويخضعون لإجراءات أمن مشددة ومهينة مثلهم مثل المدانين بأكثر أنواع الجرائم خطورة. وكان بعض العاملين في أماكن الاحتجاز يقومون بمضايقتهم والإساءة إليهم جسدياً ونفسياً في حالات كثيرة.<BR><BR>ويرى أن ثلث هؤلاء الـ70 شاهداً الجوهريين قد اعتقلوا لأوقات لا تقل عن شهرين، كما أن بعضهم سُجن لأكثر من 6 أشهر، وأمضى واحد منهم أكثر من عام كامل داخل قضبان السجن، وتبعاً لما يقوله التقرير أيضاً، فإن من الواضح أن وزارة العدل استخدمت صفة الشاهد الجوهري بقصد كسب الوقت من أجل البحث عن أدلة تبرر اعتقالها هؤلاء الأشخاص بموجب اتهامات جنائية أو اتهامات تتعلق بخرق قانون الهجرة، وفي حال عدم توافر تلك الأدلة، كانت الوزارة تقوم باحتجازهم بموجب قانون الشاهد الجوهري حتى تتأكد من أنها لم تعد بحاجة لوجود المعتقل أو يأمر أحد القضاة بإخلاء سبيله.<BR><BR>ويوثق التقرير الآثار بعيدة المدى لسياسة الشاهد الجوهري المتبعة من قبل وزارة العدل على هؤلاء الشهود وعلى ذويهم، فالشاهد يعيش تحت شبح الريبة الذي يطارده، ويمضي أوقاتاً طويلة يحاول فيها الشفاء من الأذى الذي تعرض له نتيجة الاعتقال في ظروف قاسية، كما أنه يواجه أسئلة لا تنتهي في محيطه الاجتماعي عن علاقته بالإرهاب. وختم التقرير: "هذه الآثار السلبية أدت إلى فقدان الكثير منهم فرص عملهم واضطرار البعض الآخر إلى تغيير محيطه الاجتماعي ونمط حياته".<BR><br>