تركيا وعلاقاتها مع دول الشرق الأوسط
16 رجب 1426

عززت تركيا في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية علاقاتها مع دول العالم وبصفة خاصة مع دول الشرق الأوسط والجوار مثل سوريا وإيران.<BR>وامتازت علاقات تركيا مع دول الشرق الأوسط بتشابك أبعادها السياسية والاقتصادية، حيث أقامت تركيا شبكة علاقات واسعة مع عدد كبير من الدول العربية انطلاقاً من مصالحها المتنوعة في المقابل زاد اهتمام بعض الدول العربية بتوثيق العلاقات مع تركيا.<BR>ودخلت علاقات تركيا مع دول الشرق الأوسط مساراً جديداً بعد وصول رجب طيب إردوغان (زعيم حزب العدالة والتنمية، ورئيس الوزراء الحالي) إلى سدة الحكم، حيث قال بعد فوزه في الانتخابات: "نقابل كل خطوة عربية باتجاه تركيا بعشر خطوات".<BR>ولعل الزيارات المكوكية التي قام بها (رئيس الوزراء التركي السابق) عبد الله غول ( وزير الخارجية حالياً) إلى عدد من الدول العربية قبل الحرب الأمريكية على العراق ساهمت في تعزيز العلاقات العربية التركية.<BR>كما أدت الاجتماعات والمؤتمرات المتتالية التي استضافتها تركيا خلال العامين الماضيين والتي كان في مقدمتها اجتماع وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي الذي تمخض عنه فوز المرشح التركي أكمل الدين إحسان أوغلو بمنصب الأمين العام للمنظمة للمرة الأولى في تاريخ تركيا إلى بناء جسر من الثقة بين البلدين، وكانت بمثابة الشمعة التي أضاءت طريق المسؤولين الأتراك والعرب للسير في جو يسوده الأمن والسلام تاركين وراءهم خلافات الماضي متطلعين إلى مستقبل باهر.<BR><BR>ومرت العلاقات التركية العربية بمحطات عديدة وشهدت تحسناً كبيراً أحياناً وفتوراً في أحيان أخرى ولكن مع وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب إردوغان فقد تطورت العلاقات إلى أبعد الحدود.<BR>ويلاحظ أن تركيا اتجهت نحو العالم العربي منذ منتصف السبعينات إثر الفورة النفطية وحددت مصالحها المتمثلة في قطاعات التجارة والاستثمار والتمويل والطاقة والسياحة والمياه ونمت هذه العلاقات وتطورت استناداً إلى قاعدة متينة من المصالح المشتركة.<BR><BR>ومنذ مطلع التسعينات ظهر خلل في العلاقات العربية التركية مرده التطورات السياسية والأمنية في المنطقة العربية وتداعيات أزمة الخليج الثانية بالإضافة إلى بروز ملفات شائكة أهمها القضية الفلسطينية والمياه.<BR>واستمر وضع العلاقات العربية التركية على هذا الشكل خلال مدة التسعينات وحتى مطلع الألفية الثالثة حين حصل تغير جذري في السياسية الخارجية التركية تجاه البلدان العربية لا سيما موقفها من عدد القضايا السياسية الحساسة في المنطقة العربية.<BR>وبدا واضحاً عزم تركيا على مد يدها إلى العالم العربي والعودة إلى المنطقة جاء ذلك من خلال الخطوات العملية التي قام بهاالمسؤولون الأتراك، والتي كانت دلالة واضحة على خروج تركيا من عزلتها عن المحيط العربي.<BR><BR>وشهدت العلاقات التركية العربية في المدة الأخيرة تطوراً سريعاً في المجالات الاقتصادية، وذلك بالتزامن مع نمو الفوائض المالية في الدول العربية، وفي هذا السياق قامت تركيا بخطوات عدة شملت جميع أنحاء العالم العربية، حيث قام (الرئيس التركي) أحمد نجدت سيزار بزيارة تاريخية إلى سوريا رداً على الزيارة التي قام بها (الرئيس السوري) بشار الأسد يناير 2004م إلى تركيا كما قام (رئيس الوزراء التركي) رجب طيب إردوغان بزيارات هامة إلى عدد من العواصم العربية ساهمت في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الطرفين.<BR><BR><font color="#0000ff">نقلة نوعية في العلاقات التركية العربية:</font><BR>رسائل عديدة بعثت بها تركيا إلى الدول العربية منذ وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رجب طيب إردوغان، والذي يسعى بجد لإعادة صناعة قرار المنطقة من الداخل التركي عبر تعميق الحوار والتعاون مع دول الجوار.<BR>ولعل الموقف العربي صار أكثر إيجابية عقب المستجدات العالمية والإقليمية ومأساة العراق حين ساد شعور بأن جبهات أخرى للصراع في المنطقة قد تنفجر بما لا يصب إلا في مصلحة إسرائيل.لذلك اتجهت الدول العربية إلى التعاطي الإيجابي مع ما تمليه عليها مصالحها الأمنية لاجتياز حالة الفتور التي صبغت العلاقات العربية التركية.<BR>ومما لاشك فيه أن هناك مجموعة من العوامل والأسباب لعبت دوراً كبيراً بدفع علاقات تركيا مع الدول العربية إلى رسم استراتيجية جديدة مهدت بدورها الأرضية اللازمة لبناء علاقات وطيدة يمكن التوقف عندها:<BR>- كانت الحرب العراقية مناسبة لتأكيد التقارب العربي التركي. فحكومة حزب العدالة والتنمية التقت مع الدول العربية في معارضة الغزو الأميركي انطلاقاً من الأخطار المحتملة مثل نشوء دولة كردية مستقلة في شمالي العراق وتعريض وحدة الأراضي العراقية للتقسيم.<BR>- الرغبة المتبادلة بين الجانبين في إيجاد مصالح مشتركة وبناء علاقات اقتصادية تجلب الفائدة للبلدين وقد اقتضى هذا الأمر زيارات متبادلة بين وفود عالية المستوى أثمرت عن التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والمالية.<BR><BR><font color="#0000ff">الدول العربية بدت متمسكة أكثر من قبل بعلاقاتها مع تركيا:</font><BR>في الحقيقة يمكن الجزم بأن الدوافع العربية وراء التقارب مع تركيا حالياً تستند على مبررات أقوى من التي كانت عليه في الماضي، بحيث تميل الدول العربية إلى اعتبار تواجد حكومة إسلامية في أنقرة على أنه أفضل بكثير من نظرائها العلمانيين الذين سبقوها. <BR>ويمكن القول بأن الدول العربية تشعر بابتهاج كبير إزاء وصول حزب العدالة والتنمية (الإسلامي) إلى السلطة تماماً كما كانت تشعر به عندما قام (رائد الإسلام السياسي) البروفيسور نجم الدين أربكان بتشكيل حكومة إسلامية في عام 1996م. <BR><BR>ومهما يكن فإن مسيرة التطور الإيجابي الملحوظ في العلاقات العربية ـ التركية تشير إلى أن صفحة جديدة مقبلة في هذه العلاقة أساسها التعاون والتكامل والتنسيق لمواجهة التحديات المختلفة.<BR><BR><br>