قمة الخرطوم..أمريكا تطل من مقاعد الغياب والحضور
26 صفر 1427

قمة عادية بدون خطابات افتتاحية لرؤساء الوفود .. تحسباً .. في ظروف غير عادية تعقد في الخرطوم في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من مارس الجاري ، وقد سبق هذه القمة قمم تشاورية مصغرة في معظم العواصم الرئيسة والأكثر تأثيراً في القرار الرسمي العربي ، وقد جاءت هذه القمم في ظل ضغوط أمريكية عنيفة وعلنية على العواصم العربية المتعاونة مع واشنطن ، لوضع جدول أعمال الأخيرة على مائدة القمة ، ورغم انصياع القمة السابعة عشر "الماضية" للطلبات الأمريكية بضم ممثل العراق المحتل في مخالفة صريحة لميثاق الجامعة ، إلا أن هذا لم يعد كافيا ، وبصفاقة لم يعد أحد من القادة يعترض عليها ، قال ديفيد وولش (مساعد رايس لشؤون الشرق الأوسط) أن على القمة العربية أن تقدم الدعم السياسي للحكومة العراقية حال تشكيلها ، وأكد أن واشنطن " لن ترفض مشاركة الجامعة العربية في عمليات حفظ الأمن في العراق ، وأن على الجامعة العربية أن تساهم في الجهود الرامية إلى الحصول على رد إيجابي من حكومة حماس المقبلة فيما يخص المطالب الثلاثة للجنة الرباعية ، هكذا وفى مؤتمر صحفي في مركز المراسلين الأجانب في نيويورك ، وليس في الكواليس كما كان يحدث حتى وقت قريب ، يحدد ولش للقادة النظام الرسمي العربي ما يجب أن يفعلوه ، وكان ولش قد عقد اجتماعاً مع سفراء الدول العربية في واشنطن تناول فيه القضايا التى سيتم طرحها على قمة الخرطوم .. وفى هذا الإطار قال مصطفى عثمان إسماعيل (المستشار السياسي للرئيس السوداني عمر البشير) لمجموعة من الصحافيين: "إن محاولات أميركية للضغط على القادة العرب مستمرة لإضعاف القمة أو إفشالها ولكنها لن تنجح في تقديري". وتوقع إسماعيل أن يشارك في القمة ما بين "17 إلى 18 من القادة العرب" ، بينما تأكد غياب العاهل السعودي والسلطان قابوس والرئيس التونسي والرئيس الليبي ، كما أكد مصدر مصري عدم مشاركة مبارك في القمة، وأن (رئيس الوزراء) نظيف سيرأس وفد بلاده . <BR>من جهته قال (وزير الخارجية المصري) أحمد أبو الغيط: إن الولايات المتحدة "تحاول إرباك القمة" بطرحها على نحو مفاجئ مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى إقليم دارفور السوداني . <BR>كما سوف تشهد القمة إرباكا من نوع آخر، حيث سيحضر كل من (الرئيس اللبناني) إميل لحود، و(رئيس الوزراء اللبناني) فؤاد السنيورة ، وبذلك سوف يكون أمام القمة لبنانين كل منهما يحمل جدول أعمال يختلف عن الآخر ليس فقط في المنطلقات ولكن قد يصل الخلاف إلى الانتماء .<BR><font color="#0000ff">قضايا ساخنة .. ونظم عاجزة </font><BR>بدءا من فلسطين قضية العرب الأزلية ، والتي تمر الآن بمرحلة جديدة وحاسمة في تاريخ الصراع بعد أن أنجز الشعب الفلسطيني أول تداول سلمى للسلطة ، واختار المقاومة بديلا للخط الرسمي المستسلم ، مرورا بلبنان الذي يتعرض ومعه المنطقة لهجوم مكثف لتفتيت المقسم وفقاً لسايكس بيكو الجديدة ، وقوفاً على سوريا التي تهاجم بعد الحصار لكونها الحلقة الأضعف في الصراع الأمريكي الإيراني ، وصولاً إلى العراق الذي وضع شعبه البطل الاحتلال ، بل المشروع الأمريكي برمته في مأزق لا مخرج منه إلا بما يقدمه النظام الرسمي العربي من خدمات ، نزولاً إلى السودان الذي تركه العرب .. بل ساهم بعضهم في حصاره وإضعافه حتى صارت الأوضاع فيه مهددة لاستقرار من حاصروه ، وانتهاء ببلاد المغرب التي تستنزف بعضها بعضا في صراع الصحراء الذي يمكن حتى للكفيف أن يتلمس أصابع الأمريكان والفرنسيين وغيرهم في كل تفاصيله .<BR>فما الذي أعده العرب في كل هذه الملفات الملتهبة .. الملك المغربى أطلق مبادرته الجديدة الخاصة بالصحراء لحصار التحرك الجزائري، وجبهة حلفاء المشروع الغربي في لبنان شحذت كل أسلحتها لإفشال أي إمكانية لتحسين الأجواء مع دمشق مستخدمة أوراق الأمم المتحدة " تيري رود لارسن " والقرار1559 ، وقضية الحدود ، وتقديم ملف الخلافات اللبنانية الداخلية بين الفصائل .. وفى فلسطين بدأت أنياب الحمل " أبو مازن " في الظهور بعد طول إخفاء ، وبعد محادثات مكثفة في عدد من العواصم العربية ، وبعد مكالمة هاتفية مع كوندليزا رايس ، فبدأ الحديث عن ضرورة التزام حكومة حماس بالاتفاقات الموقعة وإلا سيستخدم الرئيس صلاحياته الدستورية ، أي إقالة الحكومة وتشكيل حكومة أقلية .. أما العراق فالقادة العرب قد حاولوا سابقا في مؤتمر التوافق في القاهرة ، إلا أنهم فاتهم شيئاً واحداً ومازالوا مصرين على تركه ، ألا وهو تمثيل المقاومة العراقية ، وبالتالي لا يبقى لديهم إلا البحث في جدول الأعمال الوحيد المطروح ، والذي حدده وولش بوضوح لدعم الاحتلال الذي صرح بوش أنه لن يخرج بحلول العام 2009 .. وقد أناب بوش نفسه عن العرب في مسألة دارفور فقدم مشروع للأمم المتحدة ليستعجل نشر القوات الدولية في الإقليم . <BR><font color="#0000ff">وزراء الخارجية والملامح شبه النهائية </font> <BR>المصادر الدبلوماسية ذكرت أن 22 بندا سوف يتضمنهم جدول أعمال المؤتمر ، يأتي على رأسها البنود الخاصة بالعراق ودارفور ، وفى هذا الإطار يأتي مشرع القرار الخاص بمجلس الأمن والسلم العربي ، كما تقف على نفس الدرجة من الأهمية قضية تفعيل المبادرة العربية " لتحديد خيارات حكومة حماس وحصارها عربيا ، وكانت العاصمة السودانية قد شهدت السبت نشاطاً مكثفاً للإعداد لقمة غد .. فقد بدأت بقاعة الصداقة بالخرطوم اجتماعات وزراء الخارجية العرب للنظر في الموضوعات المطروحة على جدول أعمال القمة.. كما عقدت اللجنة الوزارية الخاصة بالعراق ، اجتماعا لإعداد مشروع القرار الخاص بالعراق تمهيدا للعرض علي القمة . شارك في الاجتماع وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والجزائر والسعودية والسودان وسوريا والعراق والكويت بالإضافة إلى أمين عام جامعة الدول العربية ، ويتوقع أن يتضمن المشروع "مشاركة عربية في الأمن العراقي " ، وصرح عمرو موسي (الأمين العام لجامعة الدول العربية) بأنه تم خلال الاجتماع الخاص بالعراق اتخاذ قرار بطرحه علي القمة من بين الموضوعات الرئيسة يوم الثلاثاء القادم . وقال:"إن القرار يؤكد على الدور العربي في رسم مستقبل العراق وعدم تغييب هذا الدور تحت أي ظرف وهذا لن يكون مقبولا . كما يطالب القرار بسرعة إرسال بعثة الجامعة العربية المقيمة في بغداد . وقضية إلغاء الديون العراقية كما يتناول القرار المسائل الاقتصادية لمساعدة العراق .<BR>كما عقدت كذلك أول من أمس اجتماعا للجنة الوزارية الخاصة بمبادرة السلام العربية بمشاركة وزراء خارجية 12 دولة عربية من بينها مصر.<BR><font color="#0000ff">المسودة الأولى للإعلان </font><BR>يؤكد الإعلان علي صون كرامة الأمة العربية وحماية أمنها ورفض التهديدات الخارجية أيا كانت والاهتمام بالمواطن العربي ووضعه علي رأس أولويات العمل العربي المشترك ومشاركته في رسم معالم العمل الجماعي .<BR>كما يؤكد الإعلان علي الدعم الكامل والمتواصل للقضية الفلسطينية باعتبارها ستظل من الهموم الرئيسية للأمة العربية ورفض التفريط في الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ودعم كل فصائل الشعب الفلسطيني في مواجهة الممارسات "الإسرائيلية" غير الإنسانية .<BR>كما ينص الإعلان علي رفض الإرهاب بجميع أشكاله باعتباره يمثل تهديدا خطيرا والتمييز بينه وبين الحق المشروع في مقاومة المحتل أيا كان .<BR>كما يؤكد الإعلان ضرورة العمل علي تحقيق تطلعات الشعوب العربية في التنمية والتعامل مع استحقاقات العولمة وثورة الاتصالات والمعلوماتية واستكمال تطوير منظومة العمل المشترك وتحديث الآليات .<BR>وأكد الإعلان مجددا علي الموقف الداعي إلي إعادة الحقوق العربية المغتصبة وانسحاب "إسرائيل" من فلسطين والجولان وجنوب لبنان التي احتلت يوم 5 يونيو 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس .<BR>وأكد إعلان الخرطوم التمسك بمبادرة السلام العربية باعتبارها المشروع العربي الذي يمكنه تحقيق السلام العادل والسلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط .<BR>وأكد الإعلان أن المجتمع الدولي مطالب بتفعيل مبادرة السلام العربية والضغط علي "إسرائيل" للالتزام بقرارات الشرعية الدولية واحترام خيارات الشعب الفلسطيني وعدم التدخل في شؤونه الداخلية .<BR>وأدان إعلان الخرطوم استهداف المدنيين في العراق وكذلك المقدسات ودور العبادة ودعا العراقيين إلي تفويت الفرصة علي دعاة الفتن .<BR>وأكد الإعلان أهمية عقد مؤتمر الوفاق الوطني ودعم جهود الجامعة للخروج بنتائج تضمن عودة الاستقرار للعراق وإنهاء حالة العنف وانعدام الأمن . ودعا الإعلان إيران لتأكيد علاقات الجوار العربية وإعادة النظر في موقفها من جزر الإمارات الثلاث بما يضمن التفاوض المباشر أو اللجوء لطريق التحكيم الدولي .<BR>وأكد الإعلان مد يد العون للشعب الصومالي ومساندة عملية المصالحة الصومالية لإرساء دعائم الأمن والاستقرار.<BR>وأكد الإعلان علي الاستمرار في إعداد الأرضية الصلبة للتعاون العربي الأفريقي بما يعود بالنفع علي الشعوب العربية والأفريقية .<BR>وطالب الإعلان المجتمع الدولي بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك "إسرائيل" وإلزامها بالتوقيع علي الاتفاقيات الدولية خاصة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية .<BR>وأكد الإعلان علي مواصلة الاتحاد الأفريقي لجهوده في دارفور ورفض إرسال أي قوات أخرى إلى الإقليم دون موافقة حكومة السودان وتقديم الدعم المادي اللازم لقوات الاتحاد الأفريقي .<BR>وهى صيغ معادة وديباجة مكررة وتفتقد إلى آليات التنفيذ ، فضلا عن افتقاد النظام العربي الرسمي للإرادة السياسية الواجبة لمواجهة تحديات الأمة ، وافتقاره إلى بديل لحالة الخضوع أمام التعنت الأمريكي الصهيوني ، كما يتوقع أن يخلو البيان من أية إشارة للاحتلال الغاشم لأرض الرافدين ، أو أي موقف عربي من الاعتداءات الصهيونية البربرية على أهلنا في فلسطين .. ولكنه بالتأكيد سيضمن تنفيذ كل ما جاء بتذكرة كوندليزا رايس ، ودافييد ولش العلاجية .. لتبقى القمم العربية أمريكية الملامح سواء بالحضور أو الغياب ، ويبقى التردي العربي عنواناً ثابتاً للنظام الرسمي العربي .<BR><br>