الكويت.. ريح برتقالية وصيف ساخن
20 ربيع الثاني 1427

ريح برتقالية بلون ملابس المعتصمين أمام البرلمان الكويتي آذنت ببداية مبكرة لصيف ملتهب في الكويت قد يصل إلى درجة الغليان ، الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان ليست هي الأولى في تاريخ الكويت لكنها الأولى من هذا النوع وبهذه الدرجة ..<BR>فرادة الأزمة تظهر في أنها انطوت على مطالب إصلاحية من شأنها أن تغل يد الحكومة عن التفرد باللعبة السياسة وقواعدها في الشارع الكويتي ، وهو ما لا تريده الحكومة ، ومن ثم جاء التحايل بتصويت برلماني بإحالة ملف أول استحقاقات الإصلاح إلى المحكمة الدستورية ، والذي يعني لدى المعارضة العودة بالأمور إلى نقطة الصفر من جديد ، إذ من المتوقع أن تطعن المحكمة الدستورية في صيغة القانون الذي قدمته الحكومة بحجج ضمنتها الحكومة لقانونها الذي قدمته..<BR>وهو ما ترى فيه المعارضة لعبا بالنار ، يعرض الحكومة إلى الحل وانعدام المصداقية .. <BR>السابقة الأولى في تاريخ الكويت التي يقدم فيها ثلاثة من النواب الكويتيين استجواباً لرئيس الوزراء مستندين إلى دعم شعبي يطالب بفاتورة إصلاح تراها الحكومة ومناصروها من النواب باهظة جداً بالنسبة لهم بينما يراها الإصلاحيون مجرد عربون يجب أن تقدمه الحكومة لقائمة مطالب واستحقاقات تأخرت طويلا ..<BR>ربما يكون أحد عوامل التسخين هو انفراد أحد جناحي الأسرة الحاكمة بالسلطة ، وهو ما أدى لردة فعل شعبية ونخبوية على ما يرونه خرقاً للثوابت الكويتية الراسخة منذ نشأة الدولة..<BR>الأزمة بدأت ولا أحد يعرف كيف ستنتهي .. إذ لا سابقة لاستجواب رئيس الوزراء في تاريخ البرلمان الكويتي ، والتي تعني تلويحا بإسقاط الحكومة التي لم تكمل بعد شهرها الرابع.. <BR>الصراع في ظاهره يدور حول تقليص عدد الدوائر الانتخابية من خمس وعشرين دائرة إلى خمس دوائر كما تريده المعارضة والشارع الكويتيين ، أو عشر دوائر وفق ما قدمته الحكومة من مشروع تراه هو الأنسب زاعمة أن الانتقال يحتاج إلى توفير قاعدة بيانات ، هي الآن غير مكتملة ، إضافة إلى تشكيكها في عدالة هذا التقليص ، وهو ما يعني عدم جدية من الحكومة في مسألة الإصلاح ومحاولة منها للتلاعب بمطالب شعبية وبرلمانية واسعة..<BR><font color="#0000ff"> تفجر الأزمة: </font><BR>كان 29 نائباً ضمن فئات المعارضة (من اصل خمسين نائباً منتخبا) أعلنوا منذ أسابيع تأييدهم مقترحاً لتقليص عدد الدوائر الانتخابية من 25 دائرة إلى خمس دوائر، وهو اقتراح مالت إليه الحكومة لبعض الوقت وأيده مستشاروها وأيدته لجنة مهمة من وزراء سابقين، إلا أن الحكومة أعلنت الثلاثاء الماضي فجأة تبنيها مشروعاً طرح قبل سنتين يقسم الكويت إلى 10 دوائر، وهو ما تحفظت عنه المعارضة التي نظمت حملة شعبية شارك فيها الآلاف تحت شعار «نبيها خمسة»، ومع أن بعض المعارضين، لا سيما الإسلاميين، قرروا في اللحظة الأخيرة التنازل وتأييد مشروع الحكومة الذي قدم إلى البرلمان السبت الماضي إلا أن تصرف الحكومة مؤخراً أثار حفيظتهم.<BR>وبالتالي قررت مجموعة مقاطعة جلسة التصويت بمجلس الأمة على إحالة القانون إلى المحكمة لدستورية ، وقد صوت لصالح القرار 33 بينهم -16 وزيراً- من أصل 34 حضروا الجلسة وعارضه رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي.<BR>وفي ردود أفعال على الموقف لخص النائب فيصل المسلم القضية بقوله: "إن الحكومة عابثة ولا تكترث للشعب الكويتي ومطالبه. هناك أقلية في داخل مجلس الوزراء تسيطر على قرارات الحكومة والدولة ولا تريد الإصلاح». أما النائب محمد الصقر فرأى: «إنها مهزلة فعلاً، يقدمون مشروعاً ثم يريدون من المحكمة الدستورية أن ترفضه». وعد النائب عبد الوهاب الهارون أن «غالبية من النواب وغالبية من الوزراء وغالبية من الشعب الكويتي تريد تعديل الدوائر، فتأتي الحكومة وتحيل الموضوع على المحكمة الدستورية وتشكك هي بشرعية قانونها».<BR>النقاش القائم في الآونة الأخيرة في الكويت بهذا الخصوص تطور من مجرد حرب كلامية بين النواب المحافظين والقبليين من جهة والنواب الإصلاحيين ،إلى أزمة برلمانية تنذر بإسقاط الحكومة.<BR><font color="#0000ff"> بين المعارضة الحكومة :</font><BR>كانت الحكومة تلقت من لجانها الاستشارية، التي درست الملف على مدى أسابيع، رأياً يؤيد نظام الدوائر الخمس كما أن (وزير الداخلية) الشيخ جابر المبارك أعلن عن ميل الحكومة إلى هذا الرأي لكن الموقف الحكومي تغير فجأة الثلاثاء الماضي، إذ طرحت الحكومة فكرة تعديل الدستور ما حمل وزير الإعلام أنس الرشيد على الاستقالة احتجاجاً ثم تراجعت الحكومة عن التعديل واكتفت بمشروع الدوائر العشر.<BR>ويعارض وزراء في الحكومة، بينهم شيوخ في الأسرة الحاكمة، فكرة تقلـــيص الـــدوائر كونها تقلل كثيراً من قدرة الحكومة على التأثير في نتيجة الانتخابات وتشكيلة البرلمان. غير أن شيوخاً آخرين، يرون أن محاربة القبلية والطائفية من خلال إصلاح النظام الانتخابي أهم للدولة ومستقبلها خصوصاً مع تطور الأحداث في العراق.<BR><font color="#ff0000"> ويرى مراقبون</font> أن الاقتراح يرسي أساس إنشاء أحزاب سياسية. <BR>وتريد المعارضة تهيئة أجواء جديدة في الكويت تتجاوز الولاءات القبلية والمذهبية وعملية التلاعب بالأصوات ، من خلال تقليص الدوائر إلى خمس للحيلولة دون الغش الانتخابي وشراء الأصوات ، والسعي لإنهاء ظاهرة نواب الخدمات وتجاوزات أخرى تقول إنها طالت الانتخابات التشريعية الماضية عام 2003م. <BR>وترى المعارضة أن إحالة مشروع القانون إلى المحكمة الدستورية يمثل تأجيلا إن لم يكن إلغاء للإصلاحات الانتخابية المنشودة ؛ لأن إجراءات المحكمة يمكن أن تستغرق شهورا أو سنوات وربما هدم الفكرة من أساسها. <BR>الجهة المتبنية لمشروع الخمسة الدوائر تشمل تكتلا من الإسلاميين والإصلاحيين والمستقلين والليبراليين، والجهة التي تتبنى فكرة الدوائر العشر تشمل إلى جانب الحكومة نواب القبائل وفئات التجار المتحالفين مع الحكومة لكنها تسعى بتبني مشروع مخالف إلى إجهاض المساعي نحو قانون الخمسة دوائر.<BR><font color="#0000ff"> قانون العشرة:</font><BR>ينص القانون الجديد المعدل الذي لا يزال يتطلب تصديق مجلس الأمة الكويتي <BR>(البرلمان) وتوقيع الأمير ليصبح نافذاً، على أن تتولى خمس من الدوائر انتخاب ستة نواب لكل منها في حين تتولى الدوائر الخمس الباقية انتخاب أربعة نواب لكل منها. <BR>والكويت كانت في الأصل مقسمة إلى عشر دوائر انتخابية تتولى كل منها انتخاب خمسة نواب غير أن الحكومة رفعت في 1980 عدد الدوائر إلى 25 دائرة بعد أن كان تم تعليق عمل البرلمان قبل ذلك التاريخ بأربع سنوات. <BR>وتقوم حملة معارضي المقترح الحكومي على أنه سيؤدي إلى تمييز بين المواطنين نظراً لأن الدوائر لا تضم أعداداً متماثلة من الناخبين. <BR><font color="#0000ff"> احتمالات الأزمة :</font><BR><font color="#ff0000"> الاحتمال الأول: </font><BR> أن تواصل المعارضة تصعيدها ضد الحكومة ولا تقبل بالحلول الوسط دون مشروع الدوائر الخمس، الذي يلقى دعماً قوياً من الشارع الكويتي ، غير أن الأرقام ليست في صالح مشروع الدوائر الخمس على رغم أن 29 من أصل 50 نائباً منتخبا يؤيدونه. وللحكومة 16 صوتاً حاسماً وإذا جرى التصويت على هذا الأمر الاثنين المقبل وأصرت المعارضة على الدوائر الخمس فانه لا طرف يمكنه حسم الموضوع وسينتصر الطرف الذي يريد للملف كله أن يوضع على الرف، وبدأت القوى السياسية أمس اجتماعات بحثا عن موقف موحد ولتعيد تقويم القضية ونتائجها المتوقعة.<BR>لكن المعارضة تراهن على رضوخ الحكومة لمطالب الإصلاح أمام ضغط الشارع الكويتي ، والظروف الإقليمية الراهنة ..خاصة وأن الحكومة مازالت في مقتبل الطريق إذ لم تتم بعد أربعة أشهر ..<BR><font color="#ff0000"> الاحتمال الثاني:</font><BR> هو تفكك التحالف بين الفرقاء من أجل الإصلاح أو القبول بحل وسط يحفظ للحكومة ماء وجهها وينزل على اقتراح الحل الوسط وهذا ما يطرحه حاليا رئيس البرلمان وعدد من وزراء الحكومة ، وواضح أن الحكومة مصرة على الحل العشري مع تلافي الملاحظات التي أثيرت حول قانون الحكومة .. ومقترح أن يتم هذا تحت مظلة لجنة الدفاع والداخلية في مجلس الأمة ..<BR><font color="#ff0000"> الاحتمال الثالث : </font> <BR> بالتصعيد والاستمرار في الاستجواب وتقرير مقاطعة النواب للحكومة -29نائبا على الأقل - وهذا الاحتمال يفتح الباب على سيناريوهات عدة :<BR>أن يتدخل الأمير بحل البرلمان أو إقالة الحكومة ، وفي الحالين لن ينهي هذا الحل المشكلة ولكنه ربما يفتح صفحة أشد سخونة ، إزاء نواب سيثأرون حال عودتهم للبرلمان مدفوعين من قبل شارع مطالب بالإصلاح ، أو يقوي عضد الاتجاه الإصلاحي داخل البرلمان ويزيد من شعبيته بعد أن يكون قد نجح في إسقاط الحكومة ومن ثم يعزز من موقفه أمام الحكومة القادمة.<BR><BR>وقد يختلف المراقبون في ترجيح أي من هذه الاحتمالات سيكون لكن الجميع متفق على أن مخاضا جديدا تشهده الكويت ، وأن ما سينجم عن هذا المخاض أياً ما كان سيشكل بدوره طبيعة المرحلة المقبلة من مستقبل الكويت ..<BR><BR><br>