معركة الانتخابات التركية.. إلى أين؟
6 جمادى الثانية 1428

بينما دخلت السياسة التركية بقوة في خضم معركة انتخابية فإن كل حسابات حزب العدالة والتنمية الحاكم تقوم حاليا على الحصول على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية في الانتخابات المقررة في الثاني والعشرين من شهر تموز/يوليو القادم وبينما رتب حزب الشعب الجمهوري المعارض أوراقه للتوحد مع حزب اليسار الديمقراطي بهدف الدخول بقوة في الانتخابات القادمة فإن الحزب الحاكم يجري حساباته الدقيقة ويراهن على هذه الانتخابات حيث يعتقد أعضاء الحزب بأن زعيمهم إردوغان لن يفوت فرصة تولي السلطة لفترة جديدة.<BR><BR>ويقول المحللون السياسيون أن فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات العامة سيمنحه الشرعية لطرح مرشحه للرئاسة من خلال البرلمان أو اقتراع عام في وقت تشير فيع كافة استطلاعات الرأي فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات العامة القادمة ولكن من السابق لأوانه الجزم بأنه سيتمكن من تشكيل حكومة بمفرده مجددا.ويقول الكاتب الصحفي في جريدة يني شفق الإسلامية "فهمي قورو" في مقالة نشرت له على الإنترنت " بأن الأحزاب التركية بدأت تتحد وتتحالف يمينا ويسارا. الغاية من العملية هذه هي جمع أصوات الناخبين الذين لن يقترعوا لحزب العدالة والتنمية الحاكم وتجنب الوقوع في خطأ انتخابات 2002 أي تشتت الأصوات".ويشير الكاتب التركي إلى أن الهدف من هذه التحالفات هي دخول أكبر عدد ممكن من نواب الأحزاب البرلمان وتشكيل حكومة بديلة بقيادة حزب الشعب الجمهوري المعارض وإلجاء حزب العدالة والتنمية إلى المعارضة.ويؤكد قورو بأنه في المقابل يراهن حزب العدالة والتنمية على تجمع الناخبين حوله وفشل خطة الأحزاب وعودته قويا إلى البرلمان.ويؤكد المراقبون السياسيون أن إردوغان يحاول استغلال جملة من الظروف والعوامل لصالحه حيث أن توحد أحزاب المعارضة في جبهة واحدة ضده تحقق له حملة انتخابية ضخمة لم يكن يحلم بها تحت تأكيد بأنه إذا كان حزب إردوغان يهاجم لكونه إسلاميا فإن أغلبية الشعب التركي إسلامي وبالتالي هي نقطة تسجل لصالحه وتعزز من قاعدته الشعبية المحافظة والمعتدلة على حد سواء.ويمكن القول إن تركيا مقبلة على مرحلة جديدة في تاريخها السياسي قد تشهد مزيدا من التوتر بين الحكومة والمعارضة وقد تشهد مصالحة طال انتظارها بين الجانبين.ولا شك أن الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة كان من صالح زعيم حزب العدالة والتنمية إردوغان الذي لم يفوت الفرصة بل سيسها لتحقيق نقاط شعبية كبيرة في ماراتون الانتخابات التشريعية المحسومة لصالحه قبل بدايتها.<BR><BR><font color="#0000FF">الحزب الحاكم في تركيا متفائل،،، </font><BR>يعيش حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد حالة من النشوى والفرح حاليا بعد أن تناهى إلى مسامعه بأنه يتقدم غيره من الأحزاب بفارق كبير في استطلاعات للرأي العام أجرتها المؤسسة العسكرية بشكل سري للوقوف على حظوظ الأحزاب التي يتوقع فوزها في الانتخابات التشريعية القادمة.وقالت صحيفة "صباح" اليومية أن الاستطلاع لا يبدو مبهجا لأحزاب كبيرة مثل الشعب الجمهوري والحزب الديمقراطي والحركة القومية التي كان يتوقع لها أن تدخل البرلمان بنسب عالية.بالمقابل قررت المؤسسة العسكرية التركية إغلاق كافة مراكز الاستجمام السياحية ومؤسسات التدريب التابعة لها في كافة المدن التركية اعتبارا من يوم الواحد والعشرين من يوليو ولمدة خمسة أيام تمهيدا لإشراك كافة العساكر في التصويت على الانتخابات التشريعية التي ستجري في 22 يوليو المقبل.وبموجب هذا القرار، فإنه يقدر بأن أكثر من نصف مليون عامل في الجيش برتب مختلفة مع عائلته سوف يستخدمون أصواتهم في أماكن محددة علما أن الموظفين العسكريين عادة ما يخرجون في عطل في هذه المدة وأكثريتهم يتوجهون إلى مراكز الاستجمام العسكرية لقضاء عطلاتهم الصيفية. ويقول المراقبون بأن الهدف من هذا القرار العسكري (الأول من نوعه) هو توحيد الأصوات العسكرية في جهة واحدة لقطع الطريق أما حزب العدالة والتنمية الحاكم المنتمي لجذور إسلامية في الوصول إلى السلطة مجددا والذي تؤكد كافة استطلاعات الرأي بأنه يتقدم غيره من الأحزاب بفارق كبير.وكان الجيش المتمسك بالعلمانية قد هدد بأنه (على استعداد للتدخل إذا ما تعرضت الدولة العلمانية للتهديد) وهو بذلك دخل بكل ثقله في المعركة التي خاضتها النخبة العلمانية التي تضم أحزاب المعارضة وكبار القضاة لعرقلة انتخاب مرشح الحزب الحاكم عبد الله غول إلى الرئاسة الشهر الماضي خشية من أن يحاول غول الإسلامي السابق تقويض النظام العلماني التركي الذي يقوم على الفصل الصارم بين الدولة والدين وهو ادعاء ينفيه الحزب الحاكم بشدة.<BR><BR><font color="#0000FF">عامل اللوبي اليهودي في الانتخابات،، </font><BR>مما لاشك فيه عندما نتكلم عن موضوع انتخابات أو إجراء تغيير في مكان ما يتبادر على البال اللوبي اليهودي الذي يحشر نفسه في كل صغيرة وكبيرة في عالمنا ومن المعلوم أن يهود الدونمة في تركيا يشكلون لوبي يهوديا قويا ويوجد منهم أعضاء في جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك (توسياد).هذا وقد بذلت الجمعية كافة جهودها في الأسابيع الأخيرة وبشكل علني على إثارة الأزمة بين حكومة رجب طيب إردوغان الإسلامية والعلمانيين في تركيا التي تصاعدت مع ترشيح حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم وزير الخارجية عبدالله غول للانتخابات الرئاسية.وحسب الصحف الإسلامية التركية فإن من بين الأوساط المالية المعارضة لحزب العدالة رجال أعمال من أصول يهودية ولهم علاقات وطيدة سرية أو علنية مع إسرائيل وهم أعضاء في الجمعية موضحة أن من بين أعضاء الجمعية اليهود جم بوينر وجم فاكو وفيتالي فاكو وجم آدلار وجيف قمحي وجاك قمحي وأن عددا كبيرا من مؤسسي الجمعية من اليهود العلنيين ويهود الدونمة.ويبلغ عدد أعضاء توسياد حاليا نحو 545 شخصا هم الأكثر ثراء على الإطلاق في تركيا ويمتلكون 1300 شركة يعمل فيها نحو 500 ألف شخص وحجم تعاملها أو نشاطها الذي يتركز على الدول الغربية بشكل خاص يصل إلى 70 مليار دولار.وتتحكم الجمعية في 47% من القيمة الاقتصادية التي تنتجها تركيا وما زالت هذه الجمعية أبرز قوة اقتصادية علمانية مؤثرة في الحكومات المتعاقبة ولها تأثير لا يستهان به في القرار السياسي والتوجه الاقتصادي للبلاد.وهكذا نجد أن اللوبي اليهودي يشكل قوة اقتصادية كبرى في تركيا إلى جانب تغلغله في الجيش التركي وهو بالتالي لا يقتصر تأثيره في القرار السياسي والتوجه الاقتصادي في تركيا وإنما يمتد إلى القرار العسكري.ويعد اليهود الأتراك الذين يصرحون بهويتهم قليلون ويقدر عددهم بـ25 ألفا غالبيتهم العظمى من السفارديم فيما يقدر عدد يهود الدونمة الذين يحملون أسماء إسلامية بـ15 ألفا.<BR><BR><font color="#0000FF">الصوت العلوي،، </font><BR>يسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إلى مخاطبة ود الفئة العلوية للحصول على دعمهم في الانتخابات التشريعية من خلال البحث عن اسم علوي قوي لترشيحه إلى الانضمام لصفوف الحزب.وذكر موقع "خبر ترك" على الانترنت أن الحزب الحاكم بدأ بالتفتيش في اسطنبول عن مرشح مميز وقوي ذو كلمة مسموعة لدى العلويين حيث بدأ يجري الاتصالات اللازمة حاليا مع أسماء علوية معروفة. قال الموقع بأن أقوى اسم على أجندة الحزب الحاكم حاليا هو الكاتب والمؤرخ ريها شامور أوغلو والذي كان يشغل منصب نائب زعيم حزب الطريق القويم (اليميني) في عام 2005. كما ذكر الموقع بأن حزب العدالة والتنمية سوف يضع اسم مرشح علوي في صدارة قائمة المرشحين في مدينة "تونجالي" أيضا. يشار إلى أن الهوية العلوية هي هوية دينية في سياق الإسلام الشيعي ولا تعترف الدولة بالعلويين كجماعة دينية لذا ليس لهم كعلويين صلات جوهرية مع المؤسسات الرسمية كما لا تقدم الحكومة أي معونات أو مرتبات لرجال الدين والمؤسسات الخيرية الدينية للعلويين وليس لديهم أي ممثل في إدارة الشئون الدينية التي تمولها وتشرف عليها الحكومة.وبالتالي، فإن العلويين يفتقدون للحماية القانونية لحقوقهم أكثر من الجماعات الدينية الأخرى غير المسلمة ومصدر القلق الأساسي لديهم هو عدم توافر الإرادة السياسية والقدرة لدى السلطات للاعتراف بهم كجماعة دينية وحمايتهم من المضايقات وأشكال الإساءة التي يتعرضون لها من قبل جماعات التطرف الديني والمذهبي.<BR><BR><font color="#0000FF">الأكراد في الانتخابات التركية،،، </font><BR>السؤال الذي يتبادر إلى الذهن في الوقت الحالي هو: إلى أين ستذهب أصوات المواطنين الأكراد.وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أصوات حزب الشعب الديمقراطي في ازدياد بالنسبة للانتخابات السابقة إلا أنه من الصعب أن يجتاز الحاجز الانتخابي رغم تصريحات قياداته بأن الحاجز لن يشكل عقبة بالنسبة لهم.ووضع حزب المجتمع الديمقراطي (الكردي الوحيد في تركيا) استراتيجية جديدة للدخول إلى البرلمان بأكبر عدد من النواب حيث قرر ترشيح أسماء من الحزب لخوض الانتخابات المبكرة بشكل نواب مستقلين. وأعلن زعيم الحزب أحمد ترك بأنه سوف يعطون الأولوية لترشيح الأسماء القديمة في الحزب في الانتخابات التشريعية التي ستجري في 22 يوليو المقبل. ويهدف هذا الحزب إلى الوصول لـ37 مقعد في البرلمان من خلال ترشيح أسماء لهم في 40 ولاية تركية أي في المناطق التي حصلوا فيها على أصوات عالية في الانتخابات الماضية. يشار إلى أن ليلى زانا وخطيب دجلة وأورهان دوغان وسليم ساداك هم من أكراد شرق تركيا وأعضاء سابقون في البرلمان عن حزب "DEP" الكردي المحظور. وكان الأربعة قد سجنوا عام 1994 بتهمة الحديث باللغة الكردية داخل البرلمان التركي والانتماء إلى منظمة حزب العمال الكردستاني وتم إطلاق سراحهم عام 2005. وكانت ليلى زانا قد وصلت إلى أوج شهرتها السياسية في تركيا عام 1991 عندما تكلمت باللغة الكردية أثناء حلفها اليمين أمام البرلمان التركي.وعرفت زانا بأنها أشهر منشقة تركية عندما منحت جائزة "ساخروف" للسلام التي يمنحها البرلمان الأوروبي في عام 1995 بعد عام من إدانتها.ويقول المراقبون السياسيون إن سعي المواطنين الأكراد إلى تأييد حزب الشعب الديمقراطي إنما ينبع بالدرجة الأولى من شعور الغضب ورد الفعل للدولة بسبب الإهمال والضياع والسياسات الخاطئة التي انتهجتها في المنطقة طوال السنوات الماضية.ويؤكد الخبراء أن 20% فقط من الناخبين في المناطق الجنوبية الشرقية يؤيدون حزب الشعب الديمقراطي بإيمان، و20% يرفضونه، أما الـ60% الباقون فهم يدلون بآرائهم لهذا الحزب نقمة على إهمال الأحزاب الأخرى وسياسات الدولة.ومن الجدير بالذكر أن الأحزاب السياسية الأخرى عندما ترشح أعضاءها في المنطقة تلجأ إلى اختيارهم من الأكراد، لأنها تعرف أنها لن تتمكن من الحصول على الأصوات إن لم تفعل ذلك. كما تقوم بترشيح بعض أعضائها الذين يعودون إلى جذور كردية من محافظات أخرى خارج المنطقة الشرقية، مثل أنطاليا واسطنبول وأنقرة. ومن ثم يمكننا القول إن نسبة أعضاء الأكراد الذين يتم ترشيحهم في جميع الأحزاب تبلغ 35%-40%، وهذا عدد ليس بالقليل. إذن يتم تمثيل الوجود الكردي في البرلمان عبر الأحزاب الأخرى أيضا ولا ينحصر على حزب العمل الديمقراطي. ويجب الإشارة أيضا إلى نظام القبائل والعشائر الذي لا يزال قائما في المناطق الشرقية. فالحزب الذي يرشح عضوه من العشائر الكبيرة يضمن كمية كبيرة من الأًصوات. لذلك علينا ألا ننسى تأثير زعماء العشائر أيضا في العملية الانتخابية.<BR><BR><font color="#0000FF">أخيرا... </font>وبانتظار العد التنازلي للانتخابات التشريعية فإن المشهد السياسي في تركيا يزداد غموضا طالما أن حكومة إردوغان متمسكة بخوض السباق المحموم حتى نهايته في وجه أحزاب المعارضة والي بدورها عاهدت نفسها على قطع طريق الحكومة إلى الرئاسة مهما كلفها الأمر.<BR><br>