السامرائي والحرب على هيئة علماء المسلمين... من المستفيد؟ (2)
22 ذو القعدة 1428

تحدثنا في الجزء الأول من هذه الدراسة المبسطة عن نشأة هيئة علماء المسلمين في العراق ومواقفها الواضحة من رفضها للتواجد الأجنبي على ارض العراق ورفضها القاطع لاستهداف المدنيين والأبرياء بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والعرقية.<BR>واليوم نتحدث عن تسلم السامرائي للوقف السني وماتلته من تداعيات مهمة وخطيرة على أهل السنة في العراق.<BR>تسلم الدكتور احمد عبد الغفور السامرائي رئاسة الوقف السني في الشهر السادس 2005، حيث أصدرت رئاسة الوزراء قراراً بتعيين أحمد عبد الغفور السامرائي بدلاً عن الدكتور عدنان الدليمي رئيساً للوقف السني في العراق.<BR>وحينها قالت مصادر مطلعة إن مجلس الوزراء العراقي قرر تعيين الدكتور الدليمي مستشارا دينيا في مجلس الوزراء، إلا أن الدليمي رفض المنصب الجديد، مؤكدا أنه يريد أن يبقى متحدثا باسم المؤتمر العام لأهل السنة في العراق. <BR><BR> الدليمي رئيس الوقف السابق - أكد إن إعفاءه من منصبه جاء بسبب دفاعه عن أهل السنة والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والسعي إلى تفعيل مؤسسات القانون والقضاء والبعد عن العنف؛ وأكد الدليمي عزمه على قيادة أهل السنة داعياً إياهم إلى الاستعداد للمشاركة في العملية السياسية.<BR>وكانت هناك معلومات سابقة أشارت إلى أن بعض المسئولين الكبار في الدولة حذروا من إجراء تعديل في رئاسة الوقف السني، وأن الدكتور حاجم الحسني هدد – حينها - بالاستقالة من رئاسة الجمعية الوطنية فيما لو تم استبدال الدكتور الدليمي بغيره، كما أن نفس المعلومات أشارت إلى أن جلال الطالباني رئيس الجمهورية أبدى رفضه لفكرة استبدال الدكتور الدليمي.<BR>وكانت حكومة الجعفري قد أعربت في أكثر من مناسبة على لسان عدد من نوابها ومتحدثيها عن استيائها من تصريحات الدكتور الدليمي، خاصة تلك التي اتهم فيها مليشيات الأحزاب الحكومية بتنفيذ عمليات قتل وتصفية لعدد من علماء وأئمة وشباب أهل السنة في العراق.<BR>ومنذ الأيام الأولى لتعيين أحمد السامرائي امتدح (وزير الدفاع) سعدون الدليمي الذي كانت قواته تعتقل بالأبرياء من أهل السنة على قدم وساق ليلاً ونهاراً.<BR> وتوالت الاعتراضات المستمرة على السامرائي حيث أكد الدكتور حارث العبيدي (عضو مجلس شورى هيئة علماء المسلمين) – حينها - وعضو المؤتمر عام لأهل السنة أن تعيين الشيخ أحمد عبدا لغفور السامرائي رئيساً لديوان الوقف السني بدلاً من الدكتور عدنان الدليمي"جرى من دون استشارة الجهات الدينية السنية."<BR>وأكد الدكتور العبيدى في تصريحات صحفية ضرورة اخذ رأي الكتل السياسية السنية في تعيين رئيس الوقف لان الوقف يمثل مساجدهم وعلماءهم.<BR>وأشار إلى احتمال صدور بيان احتجاج أو تنظيم اعتصام أو تظاهرة في جامع أبي حنيفة النعمان بسبب إقالة الدليمي.<BR>واعتبر أن إشادة رئيس الديوان الجديد – السامرائي - بدور وزير الدفاع سعدون الدليمي لا تمثل سوى رأيه الشخصي، مع أنه لا يمت إلى الحقيقة بصلة في ظل الاستنكار السني للأجهزة الأمنية العراقية واتهامها بشن حملة تصفيات في المناطق السنية.كما اعتبر أن دعوة السامرائي إلى عقد حوار وطني بين علماء الدين السنة والشيعة لتحريم سفك دماء الأبرياء ليست بالشيء الجديد، فعدنان الدليمي دعا مئات المرات إلى ميثاق شرف للمصالحة الوطنية. وأضاف العبيدي أن هيئة علماء المسلمين حرمت قتل الأبرياء وعناصر الجيش والشرطة لكنها لا تحرم المقاومة والرد على المعتدي، فهذا لا يجوز شرعاً.<BR>إذاً منذ الأيام الأول لتعيينه وعلى لسان المقربين منه، حاول السامرائي إبداء قدر من المرونة مع النظام العراقي بما فسر على أنه كان البديل المطلوب المخالف للدليمي من حيث الموقف .<BR>وفي الشهر الثاني من عام 2007 وعلى اثر تصريحات السامرائي بخصوص صابرين الجنابي العراقية التي اعتدي عليها من قبل الشرطة العراقية وأصدر ديوان الوقف السني حينها بيانًا أكد فيه أن السيدة العراقية صابرين الجنابي تعرضت للاغتصاب من قِبل رجال الشرطة العراقيين المشاركين في الخطة الأمنية الجديدة في بغداد. واعتبر أن هذه "الجريمة البشعة دليل على فشل الخطة الأمنية"..<BR>وبعد هذا البيان أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إقالة رئيس ديوان الوقف السني أحمد عبد الغفور السامرائي من منصبه.<BR>وذكر بيان صادر عن مكتب رئاسة الوزراء العراقية، أن المالكي "أصدر أمرًا ديوانيًا بإعفاء رئيس ديوان الوقف السني من منصبه مع احتفاظه بدرجته الوظيفية".<BR>يأتي ذلك بعد أن غير أن المالكي نفى في بيانه وقوع حادثة الاغتصاب، وذهب إلى حد تكريم المتهمين بالاعتداء على السيدة بدلاً من التحقيق معهم فيما وجه إليهم من اتهام.<BR> ورد عليه مستشار نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي لشئون حقوق الإنسان عمر الجبوري، مؤكدًا أن بيان رئاسة الوزراء تضمن معلومات "غير صحيحة"، وأن تقريرًا طبيًا صادرًا عن مستشفى ابن سينا الخاضع لإشراف القوات الأمريكية "يؤيد مبدئيًا ما قالته السيدة"(إذاً الحادثة موثقة من كل الأطراف بمن فيهم المحتل).<BR>وبعد إعفائه من منصبه رُتب لقاء بين السامرائي والمالكي عن طريق وسطاء؛ قال بعده المالكي انه ينوي مراجعة قراره بإقالة رئيس الوقف السني الشيخ احمد عبد الغفور السامرائي من منصبه.<BR><BR>وأوضح بيان حكومي إن المالكي أعرب خلال استقباله وفدا من علماء الدين السنة والشيعة بينهم رئيس الوقف السني المقال الشيخ احمد عبد الغفور السامرائي عن استعداده لمراجعة قرار إقالة السامرائي من منصبه لكي يأخذ دوره على المستويين الشعبي والرسمي.<BR><BR>ودعا المالكي إلى "تعزيز روح التعاون والأخوة بين جميع طوائف الشعب العراقي لاسيما السنة والشيعة" مطالبة علماء الدين بدور أكبر في المجتمع وأخذ زمام المبادرة لتجنيب أبناء الشعب العراقي المزيد من الفتن.<BR><BR>وأشار البيان إلى إن السامرائي قدم شرحا للملابسات التي دفعت به إلى اتخاذ بعض المواقف السلبية من الحكومة معربا عن أسفه لتلك المواقف.<BR><BR>وتوالت بعدها جهود السامرائي التي خلفت تأثيرا سلبيا على جهود الآخرين من أهل السنة الذين لا تتفق مواقفهم مع منطلقاته حيث أسس في 11مارس2007م مجلس علماء العراق، وهو مجلس تم تشكيله من قبل مجموعة من علماء العراق ومفكريه، وبعد اختتام المؤتمر الخامس لعلماء العراق الذي أنعقد في عمان في إبريل 2007م، والذي ينبغي الانتباه له هو الفترة التي انعقد أو تأسس فيها المجلس، حيث تأسس بعد شهرين فقط من لقاء السامرائي بالمالكي.<BR>ونحن لا نشكك في نوايا بعض الذين أسسوا المجلس – فمنهم من نجلهم ونحترمهم ونعرف إنهم دخلوا لخدمة العراق والعراقيين - إلا إن الهدف من وراء إنشاء المجلس ودور الشيخ السامرائي كان مثيراً للغرابة في وقت يسعى فيه الجميع إلى لم الشمل وتوحيد الجهود لدفع الضرر الواقع بشدة على أهل السنة في العراق. وفي وقت حرج كان تهميش دور هيئة علماء المسلمين في العراق هدف سعى إليه المالكي والاحتلال، وعملا على تحقيقه.<BR>ومنذ الشهر الرابع من عام 2007 تعرض مقر هيئة علماء المسلمين في العراق إلى العديد من المضايقات التي كان يمارسها أفراد حماية السامرائي – جامع أم القرى هو مقر هيئة علماء المسلمين ويسكن الدكتور السامرائي في البيت العائد للمسجد ضمن حدوده – وقد ذكر لي احد أعضاء الأمانة العامة للهيئة إن المضايقات بدأت منذ الشهر الرابع من هذا العام ووصلت في الأيام الأخيرة من الشهر العاشر إلى عدم السماح حتى لأعضاء الأمانة العامة بالدخول للمقر بسيارتهم مما يضطرهم للسير لأكثر من كيلومتر ضمن حدود الجامع.<BR>وفي يوم 2/11/2007/ - والكلام مازال لعضو الأمانة العامة، زار الدكتور محمد عبيد الكبيسي نائب الأمين العام للهيئة الدكتور السامرائي بعد صلاة المغرب، وتم خلال اللقاء مناقشة المضايقات الكبيرة التي يتعرض لها أعضاء الأمانة العامة للهيئة، وطلب من السامرائي أن يكف حرسه عن مثل هذه التصرفات التي لا تليق بالعلماء، وفي كل هذه الفترة لم تصدر الهيئة أي بيان بهذا الخصوص حيث كان الجهود منصبة لاحتواء المسالة.<BR> وبعد 12 يوما من اللقاء جرى ما لم يكن بالحسبان، حيث انه وبالتحديد في 14/11/2007 قامت قوة من حرس الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني الحالي؛ بدخول مقر الهيئة بالقوة، وتبليغ موظفي الهيئة بإغلاق مقر الهيئة بأمر الشيخ احمد عبد الغفور وضرورة إخلائها قبل الساعة الثانية عشر من ظهر اليوم وإيقاف بث إذاعة أم القرى، وإخلاء المبنى من أثاثه وعائدياته، وإنهم غير مسئولين عن عدم تنفيذ هذه الأوامر خلال أربعة أيام.<BR>وبعد الإغلاق اتهم الدكتور السامرائي هيئة علماء المسلمين بأنها أصل الفتنة الطائفية.<BR><BR>وقال في بيان صحافي قرأه من مسجد أم القرى ببغداد: "الكل يعلم أن ما أصابنا في العراق من القتل والتخريب والتهجير كانت هيئة علماء المسلمين أحد أسبابه، وأنا أحملها المسؤولية أمام الله عن هذه الدماء التي سفكت والأرواح التي ذهبت إلى ربّها تشكوا ظلم العباد". <BR>وأكد السامرائي أن إغلاق مقر الهيئة لم يكن قرارا حكوميا بل كان قراراً خاصاً به حيث قال:"إن قرار إغلاق الهيئة لم يأت بتلميح أو تصريح أو إيحاء لأحد لا من حكومة عراقية، ولا من القوات الأميركية، ولا من أية جهة كانت، إنما هو اجتهاد محض مني". <BR>وأضاف السامرائي أن هيئة علماء المسلمين تستنكر نجاح العشائر العراقية وأبناء المساجد وفصائل المقاومة ووقفتهم الشجاعة ضد القاعدة، عادا ذلك تحريضا واضحا وتشجيعا سافرا لتنظيم القاعدة على ذبحهم وقتلهم للعراقيين: <BR>وأكد السامرائي أن الهيئة كانت عائقا أمام دخول أبناء السنة في صفوف الجيش والشرطة عندما رفضت الفتوى التي صدرت عن أكثر من 60 عالما من علماء العراق بالحث على الانضمام إلى الجيش والشرطة. <BR>وطالب الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني في العراق هيئة علماء المسلمين أن تعلن براءتها من تنظيم القاعدة بشكل واضح: "نطالب الهيئة أن تتقدم للعراقيين باعتذار صريح وأسف عن سياستها التي سببت لأبناء العراق الويلات والنكبات، وأن تعلن براءتها من تنظيم القاعدة بكل صراحة ووضوح، ولو أن قناتكم الفضائية حذرت العراقيين من الانخراط في صفوف القاعدة بمقدار الشتم والسب الذي وجهتموه لنا، لما دخل أبناؤنا في تلك التنظيمات المجرمة".<BR>وكل من يعرف الهيئة يعرف حجم الأذى الذي لحق بأعضائها من تنظيم القاعدة بما فيهم أمينها العام الدكتور الضاري، وكذلك فان الهيئة لم تحرم على العراقيين الدخول في الجيش والشرطة ولايوجد أي بيان وتصريح صحفي منها بهذا الخصوص وبياناتها موجودة على موقعها الالكتروني .<BR><BR>وبعد إغلاق مقر الهيئة توالت التبريكات الطائفية لهذه الخطوة التي تقود أهل السنة إلى الانقسام على الذات والضعف أمام المخاطر الأمريكية والإيرانية التي تعبث بالبلاد في كل ساعة.<BR>فبعد مباركة وكالة الأنباء الإيرانية للسامرائي وتسميته بالمجاهد،قال السيد القبانجي - ممثل المرجع الشيعي علي السيستاني - في خطبته لصلاة الجمعة في الحسينية الفاطمية " نعتبر موقف ديوان الوقف السني الداعم للعملية السياسية انعطافة سياسية بطولية جديدة، و نكبر له موقفه الايجابي عن غلق مقر هيئة علماء السنة وإذاعة أم القرى التابعة له، ونعد هذه الخطوة خطوة في بناء العراق الجديد وهو حراك سياسي جديد للإخوة السنة في العراق , كما ندعو علماء السنة المخلصين الأحرار إلى استقطاب الشارع السني لبناء العراق الجديد، إذ كانت هيئة علماء السنة تعتبر نفسها المرجعية الدينية الوحيدة للإخوة السنة، ولكن اليوم نجد أن الواقع السني الجديد على أبواب مخاض جديد، نأمل أن يتمخض عن ولادة صحيحة بقيادة عراقية وطنية مخلصة.<BR>نعم لقد نفذ السامرائي المخطط الأمريكي – المالكي بقصد أو بدون قصد وأغلق مقر هيئة علماء المسلمين في العراق في مسعى من ذاك المخطط لثني الهيئة عن مواقفها الثابتة بالوقوف في وجه الاحتلال والصفويين.<BR><BR><br>