1 جمادى الأول 1429

السؤال

السلام عليكم..
أنا شاب مستقيم - ولله الحمد - أحفظ القرآن وناجح في وظيفتي ومثقف ومحبوب من الجميع - ولله الحمد - ولكن مشكلتي لا أستطيع التعبير عن رأيي وقناعتي مع أهلي وأقربائي الخاصين رغم أني قد أعترض مع أحدهم في الرأي وتجدني أوافقه في ذلك الرأي رغم عدم قناعتي به، وأحيانا أتخذ قراراً ما، وعندما أعرضه على أحد ويعارضني فيه بالذات من المقربين أوافقه الرأي، رغم أنني في قرارة نفسي مقتنع بذلك القرار، وأني سوف أنفذه!!
ولكم جزيل الشكر.

أجاب عنها:
د. مبروك رمضان

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نشكر لك ثقتك بالموقع ونسأل الله لكم ولنا والتوفيق والرشاد، وندعوه جل وعلا أن يزيدك من فضله ويديم عليك نعمته، فما أجمل نعمة القرآن، وما أروع التحلي بآدابه ولا غرو أن تكون كما وصفت نفسك ناضجاً في حياتك وعملك مثقف محبوب ولم لا وأنت تحمل في صدرك أرقى وأعذب وأحلى وأجمل ما عرفته البشرية من لسان ومعنى، أتذكر معي قول عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق رسول الله فقالت: (كان خلقه القرآن).
أما ما ذكرت من (مشكلة) أو من فرط الحياء لدرجة أنك لا تحب معارضة أحد وتوافق الآخرين فإن ذلك يرجع إلى أسباب متنوعة منها على سبيل المثال:
- التربية الأسرية وتراكماتها حيث يمكن أن تكون قد تعودت على عدم الحوار والمشاركة وبالتالي ترسخّت لديك الموافقات المطلقة دون تعليق أو اعتراض.
- ومنها أن يكون ذلك حياء وإيثارا السكوت رغبة في عدم الجدال وهو أمر أحيانا يكون طيباً حيث يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقاً".
- ومنها كذلك ما يكون سلبياً حيث تتغلب عليك فكرة (وما الجدوى من إبداء الرأي ومعارضة الآخرين قلت أم لم أقل سواء).
- ومنها عدم القدرة على الجرأة والمواجهة وإيثار السلامة درءاً للمشكلات التي تنتج عنها - إن وجدت –.
وفي كل مما سبق بعض مفاسد وبعض مصالح ويمكنك بما منحك الله تعالى من حكمة القرآن وبيان التنزيل أن تكون مداخلاتك فيما يحتاج إلى الحجة والبرهان وإبداء الرأي ولو كان خطاً لا يعني التدخل والجدال ولكنه ينطوي تحت رغبة الفرد في التعبير عما يعتقد أنه صواب وصحيح، وقد يتوجب عليك أحياناً الإفصاح عن رأيك أو معارضتك لما في ذلك من مصالح، أو درء مفاسد.
وتعوّد الإنسان على التعبير برأيه يحتاج إلى دربه والبدء بالمقربين إليك وزملائك في العمل وسوف تزول هذه الرهبة لتجدك منطلقاً ولديك الحصيلة اللغوية والفكرية التي تساهم في تنمية هذا التغيير.
والله معك.