رصد الإعلام
يبدو أن يوسف عاد في نطاق صفقة معينة، تتيح له شكلاً من المهنية بحيث لا يحصر نقده في الإسلاميين، من خلال السماح له بتناول السلطات الجديدة بطريقة "مهذبة" وناعمة.. القرينة على ذلك تقدمها صحيفتان غربيتان رصينتان لا يمكن اتهام أي منهما حتى بالحياد مع الإسلاميين
إن إعلام المستبدين الدمويين ظل عصياً على الاستجابة إلى معطيات الواقع الجديد، وبقي رهين عقلية الستينيات من القرن العشرين الميلادي... رأينا ذلك عند المخلوعين: ابن علي ومبارك وعلي عبد الله صالح وبدرجة أشد عند الهالك القذافي... لكن الأبواق الأسدية تحتكر "ريادة" التضليل
في وقتنا الراهن يتصدر هذه الفئة الضالة المُضِلَّلة مفتي العصابة النصيرية المتسلطة على سوريا أحمد حسون، حتى أصبح مضرب الأمثال.. ولذلك ما إن افتضحت مخازي مفتي مصر الأسبق علي جمعة مؤخراً، حتى راح الجميع يلقبونه: حسون مصر
هذا الشكل من الرقابة يعد الأخطر من نوعه في مسيرة أنماط الرقابة المختلفة، إذ تجعل الرقابة الذاتية من الإعلامي الخاضع لسلطانها رقيبا على نفسه، بشكل قد يفوق ما يمكن أن يكون مفروضا عليه من الخارج عبر وسائطه المتباينة، الأمر الذي قد يؤدي للعديد من المخاطر الجمة على مهنة الإعلام ذاتها
نعترف ابتداءً بأن الإعلام في الغرب يحترم قواعد المهنية ومعايير النزاهة والشفافية، في معظم الشؤون التي يتناولها، باستثناءين اثنين أحدهما بالصمت المريب والكف عن نشر ما يطلع عليه من الحقيقة (كل ما يتصل باليهود بعامة وبالصهيونية بخاصة) والآخر بحجب الحقائق وتقديم بدائل مزورة (كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين)
كان سقف الطعن في دين الله في عهد المخلوع أقل وقاحة وغطرسة بما لا يدع فرصة لمقارنته بما وقع من طوام في عصر السيسي.. والأشد إثارة للاستغراب أن مبارك لم يقدم نفسه في أي فترة من حياته على أنه شخص متدين، بينما جرى التركيز على أسطورة تَدَيُّن السيسي تركيزاً يجعل الحليم حيراناً، وبخاصة بعد أن ترك الكفر البواح من فجرة التغريب وكفرة القبط يتجاوز كل الحدود!!
الفراعين في عصرنا ما زالوا على درب ذلك الطاغوت، بالرغم من التقدم الهائل في وسائط التواصل وتدفق المعلومات. إنها الذهنية الفرعونية البائدة ذاتها: افرض على الجميع الصمت وتكلم وحدك باسم الناس المقموعين، فما دام صوتهم محجوباً فإنك تستطيع الادعاء أنك تتكلم بالنيابة عنهم!!
على الرغم من أن صورة التزاوج بين أجهزة الاعلام الرسمية والخاصة كانت قائمة قبل الانقلاب، فإنها تزايدت بعده، ما جعل المتلقين أمام لون أحادي من الإعلام لا يفرق بين إعلام ينبغي أن يكون لكل الشعب بمختلف فصائله وتياراته، وإعلام يفترض فيه أن يقدم لوناً آخر انحيازاً منه الى المهنية
لا يخفى على عاقل منصف أن بعض النخبة الخليجية انحازت إلى انقلاب عسكر مصر، من باب النكاية ولتصفية حسابات قديمة مع جماعة الإخوان بما لها وما عليها.
ربما لو جاء هذا العنوان في صحيفة إثارة أو مجلة منوعة خفيفة، لما اهتم به أحد،أما أن يتصدر مجلة فورين بوليسي الأمريكية المتخصصة في الحقل السياسي والمعروفة برصانتها،فلا بد أن ينال كثيراً من الاهتمام.فهذه الدورية الجادة اشتهرت بحزمها في التزام أشد معايير النشر صرامة في دنيا الصحافة المعاصرة.
ما من طاغية يحب الإعلام الحر المستقل، بل إن هذا الإعلام غير المدجن يأتي في مرتبة العدو الأول لكل طاغية.وقد كان قمع الإعلام قديماً أيسر على المتسلطين على رقاب شعوبهم أو الغزاة المتجبرين على شوب أخرى، فالإعلام المحلي يجري تأميمه وتنقيته من كل ذي ضمير ...
أبدع شاب مسلم في تلخيص حقيقة الملة الرافضية، بتصميم منشور رائع، نشره على صفحات الفيسبوك، مع أنه جدير بتعميمه عبر جميع وسائل الاتصال من فضائيات ومجلات وصحف ومطويات.
الإعلامي المصري المشهور: حمدي قنديل، كان في طليعة المعارضين لحكم الرئيس المدني المنتخَب محمد مرسي،حتى إنه انخرط بقوة في حركة تمرد، وتصدر المؤيدين للانقلاب العسكري الذي أطاح بمرسي وعطل الدستور وحل مجلس الشورى المنتخب!!
كل ذلك مفهوم لكنه لا يفسر تغييب الثورة السورية ومذابح نيرون الشام في حق المدنيين العزل في أنحاء سوريا الحبيبة، تغييباً يكاد العاقل يظنه متعمداً، ربما لستر الخزي الغربي الذي يتصدره البيت الأبيض بتواطئه مع طاغية الشام ضد شعبها الشجاع
الإعلام العربي فهو في أكثريته الساحقة لم يغادر مرتبة المطبل الممجوج إذا كان يتبع حكومات مستبدة متكلسة، أو موقع المهرج البائس إذا كان لرجال أعمال يهمهم الكسب المالي من أي طريق، أو دور الشيطان الأكبر في الإعلام الذي تقوده وتموله جهات غامضة/معروفة لها خطط مرسومة لنشر الرذيلة وتعميم الفساد بجميع أشكاله وحقوله
إذا كان الانقلابيون قد أغلقوا جملة من الفضائيات الإسلامية بعد ساعات من انقلابهم، ومن غير سند من القانون، فما لهم يتعامون عن الانحطاط غير المسبوق في وسائل الإعلام المعادية للإسلاميين جملة وتفصيلاً؟
لكن المرء حتى لو سَلَّم جدلاً بأن مرسي كان كما يزعمون، فإن إغلاق العسكر قنوات دينية بالعشرات بعد ساعات من انقلابهم المشؤوم، يكفي لفضح تجارة هذه الحفنة المتغربة بشعارات الحرية الإعلامية وبئست التجارة
يجد الناظر إلى أداء أجهزة الاعلام المصري –بشقيه: العام والخاص- قاسماً مشتركاً بينهما، هو غياب المهنية، على الرغم من أن الفارق بينهما ينبغي أن يكون شاسعا، إذ إن الاعلام العام –أو الحكومي-ينبغي أن يكون إعلاماً معبراً عن الدولة بكل مكوناتها
إنهم حفنة من المرتزقة في أرض الكنانة، هزمهم الشعب المصري في انتخابات حرة ونزيهة، بالرغم من تحشيد قواهم المتنافرة من ديناصورات اليسار البائد ويتامى الناصرية المهزومة وفلول مبارك المخلوع، فقرروا الثأر منه بإحراق البلد
هي حرب سياسية وقائية إذاً يشنها لصوص النفط والسكر والخشب-بحسب تخصص كل جنرال في تقاسمهم الوقح لمقدرات البلاد-، ولأن القنوات الإخبارية المحترمة ترفض إغراءات المتفرنسين الطغاة في الجزائر، فالعربية هي البديل الجاهز