17 ذو الحجه 1431

السؤال

أرجو مساعدتي في إيجاد الحل أنا امرأة متزوجة من رجل موظف ذو دخل عالي وأعاني من عدة مشاكل، أنني لا أراه سوى الخميس والجمعة وذلك لأنه يعمل بعيدا ويريدني أن ابقي مع أمه لأساعدها، وكذلك انا ذات عمل مرموق ومتميز واضطر لعمل أعمال البيت قبل خروجي ورعاية ابني وأمه تريدني اترك وظيفتي،وكلما جاء زوجي أسبوعيا يدعوه والده للعمل معه حتى الليل، إضافة أنه لا ينفق علينا أنا وابنه إلا القليل جدا برغم غناه، والدته تتدخل في كل شئون حياتي وتهينني وتصرخ في وجهي دائما, وتطور الأمر معي حتى ضربتني هي وابنتها وطردوني من المنزل، وللأسف زوجي ضعيف أمام أهله.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الأخت الفاضلة..
إن ما ذكرته لنا من مستوى ثقافتك ودراساتك العليا ووصولك بفضل الله سبحانه وتعالى إلى التميز في التفكير العلمي ليصيبني بالدهشة والاستغراب إذ كيف أن ذكاءك هذا لم يساعدك في تحسين علاقاتك بأهل زوجك بطريقة أو بأخرى ولكن يبدو أن الأمر يتم بعيدا عن النوايا الصالحة المطلوبة في مثل هذه الظروف.
أيتها الكريمة: إن معاشرة أهل الزوج سواء الأبوين أو الإخوان أو الأخوات أو الأهل يتطلب القرب من الله سبحانه لالتماس توفيقه ورعايته ثم يحتاج إلى الذكاء في التعامل للوصول إلى طرق القبول والمودة معهم ثم يحتاج إلى التقليل من حب الدنيا والانكباب عليها ومحاولات المرء أن يكتسب منها كل ما يراه من حوله.
.. لست ههنا أقلل من قيمة تفكيرك أو قدر عقلك النابه، لكنه عتاب لازم لأنك قد شاركت وتعاونت ولاشك للوصول بسفينة زواجك إلى تلك المرحلة التي تحكين عنها الآن والتي صارت مشكلة كبيرة تحتاج إلى حلول جذرية.
عليك أختي ابتداء عليك بالاستعانة بالله ربك الذي ينزل الرحمة ويجيب المضطر ويكشف الكروب والأحزان فالجئي إليه واسأليه أن يرد عليك زوجك وولدك وأن يباعد بينكما وبين الشيطان وأهل النية السيئة.
ثم عليك أن تعلمي أنهما أبوه وأمه وأهله وأسرته وعشيرته، فلا تغفلي عن قدرهم عنده وتتصرفي كأنهم أناس غرباء عنه فتضعين نفسك في موقف يزنك فيه معهم ويبدأ بالتفاضل بينكما فلربما تكونين أنت الخاسرة نظرا لاعتبارات مختلفة
بل عليك أن تضعي الوسائل والطرق المختلفة لتحسين علاقتك بهم جميعا وخصوصا والديه فإنك إن تكسبي رضاهم وقلوبهم كانت خطوة كبرى نحو قلب زوجك.
ثم أمر آخر هام وهو أن زوجك لابد أن يستشعر حرصك على دعمه ودفعه لبر والديه فإنه لو استشعر بذلك يتدرج هذا إلى رضا زوجك عليكم وإلى رضا أبويه وإخوته عليك.
أختاه: استشعري أن أباه هو أبوك فكيف كنت ستعاملينه؟! وإن أمه هي أمك فكيف تعاملينها؟! وهكذا.
ثم عليك – وأنت المثقفة الذكية – أن ترفضي الأفكار المتوارثة السلبية عن أم الزوج وأهله وغير ذلك، أنا لا احدث أي إنسانة الآن, بل احدث معلمة ومثقفة وأختا تريد أن تفوز في الدنيا برضا زوجها وحبه ومودته وتفوز في الآخرة برضا الله سبحانه.
أما بالنسبة للشكوى الأولى، "إنك لا ترينه سوى يومي الخميس والجمعة"
فإنك لابد أن تبحثي موقفك بكل حيادية، وتسألي نفسك أسئلة هامة، منها: هل غيابه هذا في شغل وعمل بالفعل أم في لهو أو غيره؟ وهل يمكنه أن يتابع عمله وهو قريب منك ومن أسرته أو لا يستطيع؟ وهل مطلبك بالقرب منه هو مطلب ضروري لك ولولدك أو لا؟
وعلى أية حال فإنني أرى أن عليك الاستفادة من الأمر ويمكنك أن تجعلي ذاك البعد مؤثرا بشكل إيجابي في حياتك، فيكون بعده أسبوعيا منبتا للشوق والحنين إلى أسرته فاستقبليه بالترحيب والزينة والسعادة والابتسامة.
أما بالنسبة لإنفاقه عليك "وكونه قليل لا يكفيك"
فالأصل في إنفاق الزوجة أن يكون بالمعروف وبما يؤدي الغرض لا بما يحتاج إلى إسراف وبذخ، فكوني وسطية في إنفاقك ومعتدلة في مصروفك فلو فعلت ذلك فلن تشعري بقلة المال والإنفاق، أما إن كان بخيلا لا ينفق عليك فيما تحتاجينه للضروريات فيمكنك أن تأخذي ما يكفيك من ماله.
وأخيراً..
أنصحك أن تسعي إلى إدخال وسطاء قريبين منكم تشعرون بصدقهم وإخلاصهم ورغبتهم في الإصلاح بينكما، وليأخذوا على أيدي أهل زوجك بما يمنع تكرار إيذائك أو ضربك أو إهانتك.
ثم ليكن مطلبهم منه أن يخصص لك بيتا مستقلا أنت وابنك قدر الاستطاعة، فلو أمكن ذلك لكان خيرا.
وأنصحك أن تعودي إلى بيتك وأن تغفري لوالديه فالله سبحانه أمر بالعفو والغفران فقال: "ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور"، فبذكائك استجلبي حبهم من جديد واصبري وساعدي زوجك في بر والديه وأسأل الله لك كل خير.