10 ذو القعدة 1434

السؤال

أنا متزوجة من ثلاث سنوات من زوج أكبر مني بتسع سنوات وأقل مني دراسة فهو لا يدرس إلا للصف السادس وأنا جامعية.... هو سيء الخلق يسب ويشتم، يناديني بأسماء الحيوانات عندما يغضب، يهينني كثيرا أمام طفلي الذي عمره سنة ونصف، تدخل أهلي أكثر من مرة لكن لا جدوى، فهو لا ينسى توافه الأمور التي فعلناها أنا أو أهلي دون قصد أو لا ينسى أي أمر سيء بيني وبينه، لكن شخصيتي الضعيفة تجعلني ألوم نفسي كل مرة والآن ماذا أفعل؟ أريد احتراما ولا أريد أن أحرم من طفلي، لا أجد للحياة طعما، هو إنسان مغرور مع انه إنسان عادي جدا في شكله وأحواله المادية حتى تدينه أحيانا يصلي وأحيانا لا... أريد حلاً مع هذا الرجل.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

كثير من الآباء ينظرون لزواج البنت وسترها باعتبار أنه أمر واجب عليهم وحاجة ملحة في أعناقهم، وقد نتفق معهم في ذلك من باب الاهتمام بهن والحرص على مصلحتهن.
لكن العجلة في الموافقة على أي شخص متقدم خوفا على ابنتهم من العنوسة أو فوات قطار الزواج (على حد قولهم)، هذا الأمر غير مرغوب فيه، بل قد يعود على هذه الفتاة بأضرار بالغة لسنين طويلة.
ورغم أن الأبوين يتميزان بالعقل الناضج ورجاحة التفكير وخبرة السنين إلا أنهما قد يتعجلان في اتخاذ القرار الصحيح في الاختيار وأعتقد أن هذه هي أول أسباب المشكلة التي تعانين منها أيتها السائلة.
فقد علم قبل الزواج الفرق بينك وبين زوجك في التعليم وتغاضوا عن هذا، ونسوا أن التكافؤ بين الزوجين سر من أسرار نجاح الحياة الزوجية.
أيضا قد أخطؤوا في عدم اختيار الزوج الصالح صاحب الدين الذي يحافظ على شعائر دينه من صلاة وعبادات وحسن خلق ونسيا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بصاحب الدين والخلق في اختيار الزوج.
إن فارق السن بينك وبين زوجك ليس كبيراً، بل الطبيعي أن يكون هذا الفارق في صالح زوجك ربما ذلك يزيده رجاحة عقل وحسن تبعل لزوجته.
الابنة الكريمة.. عليك أن تعلمي أن أول خطوات نجاحك في حياتك الزوجية هي عودتك إلى الله تعالى، كوني قريبة من الله عز وجل... واصليه سبحانه بالعبادة والاستغفار ثم بعد ذلك ناجي ربك بهذه المشكلة وادعيه أن يذهب همك وأن يصلح لك زوجك.
أما الخطوة الثانية فهي عدم اليأس، فعليك أن تعلمي أن سر السعادة الزوجية يعود من الزوجة وليس الزوج فمهما كان الزوج ومهما كانت سلوكياته فإنك امرأة جامعية تتميزين برجاحة العقل والعلم فلماذا لا تستخدمين ذلك في سلوكك لتصبحي الزوجة المثالية في عيون زوجك؟!
فبالصبر تجدين منه ما تحبين وبالتقوى يلين لك الحديد، وبالسمع والطاعة وحسن خلقك وحسن معاملتك له ولأهله سواء أبويه أو أخواته بحيث يكون سلوكك هذا لوجه الله معه قد يعود عليك الجزاء من جنس العمل فإن الله تعالى لن يضيعك ولن يخذلك.
أما عن الخطوة الثالثة فلا تتعاملي معه على أنك امرأة جامعية وأنه ضعيف التعليم لكن تعاملي معه على أنك زوجته فلا تشعريه أنك أعلى منه ثقافة لكن تواضعي له بالكلمات الطيبة وقدمي له الشكر على أي شيء يقدمه لك ولو قليل جدا وقدمي له بعض كلمات المودة عندما يعود إلى البيت كل يوم وحاولي شراء له هدية من وقت لآخر.. يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم " تهادوا تحابوا"،لا تتركي باباً للوصول إلى قلبه إلا أن تطرقيه.
الخطوة الرابعة..
حاولي ألا يشغلك طفلك الصغير عن أداء حقوقه وواجباته، حاولي أن تتهيئي له وتتزيني قبل قدومه وعودته للبيت، وافعلي بنصيحة المرأة العربية التي أوصت ابنتها فقالت لها: "لا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح".
إنني لا أظن منه إن أنت فعلت معه هذه النصائح أنه سيناديك كما ذكرت أو يسبك... يستحيل أن يقابل احترام الزوجة لزوجها ويقابل تقديم الولاء والحب والطاعة ويقابل إعطاءه حقوقه بالإنكار والجحود، بل ذلك قد يجبره ويكون علاجاً جذرياً على مبادلتك الاحترام الذي تفقدينه.
أيتها الابنة حافظي على زوجك ولا تضيعيه من يدك واعلمي أنك الآن في بداية الزواج فما زالت الطبائع بينكما مختلفة ولا بد أن تكثر المشكلات فلا تكبري المشكلة وامتصي غضبه واصبري عليه وحاولي أن تتواءمي مع طباعه فيما عدا معصية الله لتتمتعي معه بالسعادة التي تبحثين عنها.
أمر أخير، فعندما تتوددين لزوجك ويرى منك كل جهودك لإسعاده سوف يزيد حبك في قلبه تدريجياً، وسوف يقبل منك النصح وحينئذ لا بد منك توجيه النصيحة الخاصة بمحافظته على الصلاة ولكن عليك استخدام ذكائك بأن يكون هذا النصح مناسباً وفي مكانه وبالأسلوب المؤثر الرفيق، ولا بد أن يرى منك محافظتك أنت على صلاتك واصطحاب طفلك الصغير بجانبك ليصلي ولتقولي لطفلك بصوت مسموع "تعال نصلي كي يحبنا ربنا ويدخلنا الجنة"، ربما يسمعها مرة من المرات فبذلك تكونين قدمت له النصح ولكن دون تصريح بذلك، وعليك الصبر على أذى الزوج فذلك يرفع شأنك عند الله تعالى ومع الأيام سوف يعاتب نفسه على كل شيء حدث منه.
أيضا عليك أن تجلسي مع زوجك وتوضحي له بكل صراحة أنك سوف تحاولين أن تفعلي كل ما في وسعك لإسعاده واعترفي أمامه ببعض أخطائك وتقصيرك ربما ذلك يترك في نفسه أثراً إيجابيا ويعدل من حاله.
ثم حاولي أن تجتمعي مع زوجك على بعض الطاعات كصيام اثنين وخميس أو صلاة ركعتين قيام في جوف الليل تدعو فيهما الله أن يصلح ذات بينكما ويبعد ذلك الشيطان اللعين الذي يريد أن يفسد علاقتكما بوسوسته إياكم، فالله تعالى قريب مجيب الدعاء.
وإن ضاقت عليك الأمور، فاستمري فيما نصحتك به لكن مع إدخال عنصر جديد هو أحد الأقارب الصالحين الراشدين المحبين لكما الساعين لمصلحتكما، {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: من الآية35]..