8 ذو القعدة 1437

السؤال

متزوجة من ست سنوات، زوجي إنسان يخاف الله محترم، لكن أرسل مشكلتي اعتراضا علي خصاله، كما أنني أعلم جيداَ أنه لا يوجد أحد كاملا، وأني أيضاَ لا أخلو من العيوب، لكنني أريد إستراتيجية لتريحني وتريحه في التعامل، خصوصاَ وأنني عندي ظروف صعبة في حياتنا بسبب مرضه بالخبيث شفاه الله، أنني أحاول بشتى الطرق أن أرضيه، فهو إنسان متقلب المزاج وعنيد وذلك من قبل مرضه، أما بعد مرضه فهو أغلب الأوقات صامت، هادئ، أشعر بالضيق كلما بدأ بالتعامل بنفس الأسلوب، لا أستطيع أن أرضيه، أشعر أنه غامض ولا أستطيع أن نتواصل فكرياَ، لا يبالي بآرائي في كثير من الأمور، أتنازل عن أشياء من حقي لأرضيه، حتى أنني أشعر أنني اقلل من ذاتي، لكنه لا يقدر لأنني أحبه، تأتي كثير من المشاكل وتنتهي دون نقاش بيننا، كثير ما يواجه أي مشكلة في صمت، أو يخرج من أمامي أو يخلد للنوم، لكن أين النقاش، بدأت أمل من فتوره وصمته، أريد أجد طريقة تريحني.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

السائلة الكريمة:
بدأت في حديثك بالشكر والتقدير لزوجك ووصفتيه بأنه إنسان يخاف الله تعالي، وهذه الصفة أعظم شيء لمن يتصف بها، ذلك الخوف الذي يجعل كل امرأة مطمئنة علي حياتها مع شريك حياتها، فالخائف من الله تعالي يخاف يعصينه، فإذا أخطأ يوماَ فكل ابن آدم خطاء، والخائف من الله تعالي إذا فعل ذنبا أتبعه مباشرة بالتوبة والندم والاستغفار، وذلك تكفيرا لما صدر منه في حق الله تعالي، إذن فلا تخافي علي نفسك وأنت في جوار هذا الإنسان.
أما قولك أنك أرسلت رسالتك اعتراضا علي بعض خصاله فقد أردفتها بالحل الفوري وأدركت أن كل إنسان لا يخلو من العيوب حتى أنت وهذا كلام العقلاء.
عليك أن تعلمي أن المرض الذي أصاب زوجك لهو أشد المحن والابتلاءات وأن ما يعانيه نفسياَ لهو جدير بأن يجعله في صمت دائم، حتى ولو كانت هذه طبيعته قبل ظهور المرض، فلا شك من زيادة الصمت بعد ما أصابه وما يعانيه من آلام، فيجب عليك الوقوف معه في محنته بأن تصبري عليه مهما صدر منه في هذه الظروف، وتساعديه بكل الوسائل التي لا تغضب الله تعالي حتى يمر هذه المرحلة بسلام، وحاولي أن تصطحبينه إلي الخروج في الأماكن الخضراء الهادئة، حتى يخرج من دائرة التفكير المرضي.
كما عليك أن تذكريه دائماَ بأن الله تعالي إذا أحب عبداَ ابتلاه، فهذه مرحلة ابتلاء واختبار من الله تعالي، فكثير من الناس جاءهم هذا المرض وخرج من عندهم بفضل الله تعالي ثم بالدعاء وحسن الظن به سبحانه والأخذ بالأسباب.
كما عليك أن تعينيه بصورة غير مباشرة علي الإكثار من الطاعات، فبالطاعة يبدو القلب مضيئا والوجه منيرا.
وأيضاَ حاولي الاتصال بمن يحب من الأقارب والأصدقاء لدعوتهم من وقت إلي آخر لقضاء وقت طيب، ربما يخرجه هذا اللقاء من حال إلي حال آخر.
ولابد أن تغفري له ما صدر منه سابقا وألا تحاسبينه علي عناده قبل ظهور مرضه، أو عدم مشاركتك في اتخاذ الآراء فهذه الأمور التي تتحدثين عنها ليس وقتها الآن لقوله تعالي: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: من الآية237].
وبعد الشفاء إن شاء الله تعالي اجلسي معه جلسة صفاء ووضحي له كل ما يحزنك منه، فهو كما ذكرت يخاف ربه فلابد أن يتقي الله تعالي في معاملتك، وذكريه بعد الشفاء بحديث النبي صلى الله علية وسلم: "خيركم خيركم لأهله".
لكن الآن لا داعي لفتح أي أوراق قديمة لأنه فيه ما يكفيه من الأحزان والهموم على نفسه، وبالنسبة للتواصل الفكري معه فحاولي مشاركته في هواياته التي يحبها مثلا كالقراءة أو أي شيء آخر يحبه فذلك يدخل جو الحوار بينكم فيشعرك بالقرب منه.
واعلمي أنه قد يكون صمته الآن تفكير فيما يحدث له، فهو ينظر إلي دخول هذا المرض عليه بنظارته السوداء، ذلك ما يشعره بحمل الهم خوفا وقلقا عليك وعلى أولاده إن كان عندكم أولاد وهذا التفكير يسيطر على الكثير ممن يصابوا بأي مرض فلا تحزني منه وحاولي التخفيف عنه بأي صورة.
أيضا إن كان عنده أبوان فساعديه على زيادة برهما حتى يأخذ رضاهم، وربما بدعوة خالصة منهما يزيل الله تعالى غمه ويفرج كربه وكربك واعلمي أن مع العسر يسراً، وأن مع الضيق يأتي الفرج، وتذكري أن زوجك نعمة بين يديك فلا تكدري صفو حياتك بأفكار يدخلها إليك الشيطان فاطرديه من حياتك وغيري جو حياتك في هذه الأيام بسرعة قبل أن تندمي على ما فات وحينئذ لا ينفع الندم.