10 ذو القعدة 1435

السؤال

أنا عمري 22 سنة أدمنت على العادة السرية لمدة 5 سنوات تقريبا وقد تركتها الآن لمدة 3 شهور أريد الزواج وأمي تريد أن تخطب لي وهي لا تعلم بحالي لكن أقابلها بالرفض أخشى الزواج بسبب خوفي من المشاكل الزوجية بعد الزواج التي تأتي بسبب ممارستي للعادة السرية.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نشكر لك ثقتك في موقع المسلم ومستشاريه ونسال الله أن يجري الحق على ألسنتنا وقلوبنا وان يرينا الحق ويثبتنا عليه وأن يرزقك الله ويرزقنا رزقا حسنا وان يرفع درجاتك ودرجاتنا في الدنيا والآخرة.
أخي الكريم:
أريد أن اقسم سؤالك إلى قسمين أساسيين وأتمنى عدم ربطهما ببعضهما البعض وهما:
- الحديث حول العادة السرية وممارستها لهذا الوقت من العمر والتحدث عن ضررها النفسي قبل المادي وعن حكمها الشرعي وعن خطر الاستمرار فيها.
- والثاني حول تأثير ممارستها على الزواج سواء في القرار بالتقدم فيه وتأثيرها العضوي والنفسي على مدمنها وعلى مدى خطرها على الزواج المقبل بإذن الله.
وبداية أقول لك إن ما يمر به الشاب في هذه الفترة في حياته ومنذ بلوغه من مثيرات للشهوة فيما يرى أو يسمع أو يشعر سواء على الواقع الحياتي الحقيقي من تبرج وسفور وأخلاقيات وتعاملات في الحياة يثير شهوته ويضخمها ويشعره بحاجته إلى ممارسة الجنس، وبالتالي فمن لم يجد مصرفا له في الزواج – وهو الحل الشرعي الوحيد لتصريف الشهوة الجنسية – لا يجب عليه أن يضع بديلها في ممارسة العادة السرية، بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم السعي المخلص والجاد للزواج هو أول الحلول لمواجهة استعار الشهوة في نفس الرجل، ووضع حل ثانيا استثنائيا ومؤقتا لتقليل الشهوة لا لتفريغها في الحرام وهو الصوم كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" [1].
والوجاء هو الحصانة والوقاية، لان المسلم إذا عجز عن الزواج استعاض بالصوم حتى تنكسر حدة شهوته فيذهب عنه ما يلقاه من شرها وشدتها، ولكن بعض الناس نظرا لما يجد من حدة وشدة شهوته يفتح على نفسه بابا من الحرام لا يستطيع إغلاقه كالاستمناء أو إشباع النظر في الصور، وبالحديث السابق وبآيتي "المعارج والمؤمنون": {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} استدل كثير من العلماء على تحريم الاستمناء، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما الاستمناء فالأصل فيه التحريم عند جمهور العلماء.
والاستمناء ليس حلا لما يلقاه الإنسان من الشهوة، بل ربما أستطيع القول بان الاستمناء قد يفعله المرء ليعالج مشكلة فلا يلبث أن يصبح هو المشكلة الأكثر تعقيدا وليس الحل فتزداد المشكلة تعقيدا، فما ينتج الاستمناء إلا زيادة للشهوة لا كسر حدتها، فما رأينا مدمنا لهذه العادة قد وجد منها راحة نفسية أو جسمية، فهو كالحطب للنار فلا يزيد المرء الإكثار منه إلا شدة لشهوته لا تخفيفا لها، وان أكثر من قال أنه توقف عنها اخبرنا أنه صار أكثر هدوء نفسيا بل وجسمانيا من ناحية الشهوة المفرطة.
وبهذا عليك أن تخرج نفسك من هذه الدائرة المغلقة وتأكد أنك ربما تعاني قليلا في الخروج والامتناع ولكنك بعدها ستصير في حال أفضل بإذن الله، وليس ما أقول بداية مرتبطا بقضيتك الثانية، فسواء أقدمت على الزواج أم تأخرت فعليك أن تخرج نفسك من هذه الدوامة المفرغة.
أما قلقك من الزواج فهذا أمر طبيعي، يحدث لكل مقبل على الزواج وخاصة وأنت في مقتبل عمرك، والزواج هو راحة للنفس وسكن لها وهو أهم خطوة تساهم في استقرار حياة الإنسان المسلم، ولهذا ينبغي التدقيق في الاختيار والبحث عن الزوجة الصالحة التي تتوافر فيها المعايير التي حضنا النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة الصالحة التي تعتبر وبحق خير ما يكتنز المؤمن، فقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته " [2]
أما عن ما مدى تأثير العادة السرية على الحياة الزوجية
يجب أن تعلم أن هناك أمرا شديد الخطورة على الناحية النفسية من استمرار أدائها، فقد ثبت أن لها تأثيرا نفسيا خطيرا جدا وهو أنها تترك في النفس شعورا امتزاجيا بين أدائها وحصول اللذة منها مختلطا بالشعور بالذنب بعد الانتهاء منها، وهذا مما يخشى منه على فاعلها حيث ينتج دوما في نفسه القلق والإحباط والضيق، وهو الأمر المختلف تماما عما يحدث في الزواج من هذه العلاقة حيث تكون الراحة والسعادة بعد أدائها في مصرفها الشرعي، والخشية كل الخشية من المداومة على هذا الفعل أن يصبح التخلص من هذا الارتباط عسيرا حتى بعد الزواج فتضر نفسك وتضر من اخترتها للزواج منها.
أما على المستوى الطبي أو الجسماني فقد اختلف فيها الأطباء وأكثرهم على وقوع الأضرار منها، ولكن بالتوقف عنها لا يكون لها بإذن الله تأثير على مستقبلك الزواجي.
فأقدم بإذن الله على زواجك – إن كانت ظروفك تعينك عليه - وتوكل على الله سبحانه وانشغل بعملك أو بدراستك ومارس ما استطعت من الرياضات البدنية واشغل تفكيرك فيما هو نافع تتخلص منها ومن أثارها بإذن الله.
وفقك الله إلى ما يحب ويرضى.
_____________________
[1] متفق عليه
[2]. رواه أبو داود والحاكم وقال: حديث صحيح الإسناد.