21 رجب 1437

السؤال

السلام عليكم.. مشكلتي أني غير قادر على التفاهم مع زوجتي.. ولا هي لها قدرة أن تفهمني.. وليس عندها استعداد أن تتحامل على نفسها وتسعدني.. بل تريد كلمتها هي التي تنفذ! وحين أطلب منها أمرا تعمله بدون رضا..!
ويوجد فرق كبير جدا بين طريقة تفكيري وتفكيرها، كما لا يوجد حب بيني وبينها..! وحتى في تربية الأولاد تخالفني في التعامل مع الأولاد وتفعل خلاف ما أقول! وحين أكلمها في ذلك تبرره بأنها لا تتحمل حدوث ما أريده مع أولادها!
وبعد أن تعبت من محاولاتي معها لجأت للضرب أمام أي خطأ.. وأصبحت صورتي معهم: الأب الذي لا عقل له ولا قلب ولا رحمة! فبماذا تنصحونني؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وأعانك وأصلح لك شأنك كله!
مشكلتك تتمثل في:
كثرة الخلافات مع الزوجة وانعدام التفاهم والحب بينكما، ومخالفتها لك في شؤون بيتك وأولادك.
أخي الكريم..
إن العلاقة الزوجية الصحيحة والناجحة هي علاقة كريمة بين الزوجين يتحقق من خلالها لكليهما: السكن والمودة والتراحم؛ ولكن تتفاوت البيوت في نصيبها من هذه السمات الكريمة بحسب ما يتوفر فيها من تقوى الله والعشرة بالمعروف.
قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم/21).
وقال سبحانه مبينا لعباده وإمائه ما قد يقع بين بعض الأزواج من جفاء أو تنافر، ومرشدا إلى علاجه الرباني: {وعَاشِرُوهُنَّ بالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا..} (النساء). قال الشيخ السعدي في تفسيره: "أي: ينبغي لكم أيها الأزواج أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا؛ من ذلك امتثال أمر الله، وقبول وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة. ومنها أن إجباره نفسه مع عدم محبته لها فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة. وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك. وربما رزق منها ولدا صالحا نفع والديه في الدنيا والآخرة. وهذا كله مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور؛ فإن كان لا بد من الفراق، وليس للإمساك محل، فليس الإمساك بلازم" (انتهى كلامه رحمه الله).
فهذه الوصايا الكريمة – أخي الكريم – تلخص لك خطوات التعامل مع مشكلتك كما يلي:
أولا: ليكن أول ما تسعى فيه هو مراجعة نفسك، واكتشاف الصفات الحسنة في زوجتك التي تعينك على إمساكها من أجل أولادكم، وتحمل ما يبدر منها من سوء الخلق والعشرة، مع وعظها المستمر ونصحها.
وفي صحيح مسلم عن أَبِي هريرة رضي الله عنه قال : قَال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : "لَا يفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إِن كَره منها خلقا رضي منها آخر".
قال النووي رحمه الله :"أي ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خُلقا يُكره وجد فيها خُلقا مرضيا؛ بأن تكون شرسة الخلق لكنها ديّنة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك".
وأما الضرب فله ضوابط؛ منها ألا يكون مبرحا مؤذيا، وأن يكون بعد بذل الجهد في الوعظ والنصح. ولا يصح أخي أن يكون مع كل خطأ – كما ذكرت – ودون إعذار لها بالتذكير والوعظ!
وفي الوقت نفسه عليك أخي أن تراجع نفسك كذلك، وتتأمل بإنصاف في حقيقة معاشرتك لها بالمعروف؛ فتجتهد في تدارك أي تقصير في حقها وحسن عشرتها.
ثانيا: إذا لم ينفع الوعظ والنصح بعد صبر ومعاودة، فقد أرشد الله تعالى إلى تحكيم حكم من أهلك وحكم من أهلها.. ووعد سبحانه بالتوفيق لجهودهما إذا صدقا وأرادا الإصلاح.
أخي الكريم
استعن بالله ولا تنزلق إلى حلول سريعة مندفعة، بل تدرج في الأمر بهذه المراحل، مسترشدا بما سبق من وصايا القرآن والسنة، والجأ الله تعالى أن يعينك ويسددك في ذلك. أصلح الله لك شأنك كله ورزقك صلاح الزوجة والأولاد ووفقكم لما يحب ويرضى.