18 ذو الحجه 1437

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. خطبت فتاة منذ عامين تقريبا, وكانت قد قالت لي إنها مريضة بانهيار عصبي (ديبريسيون) وتأخذ دواء، وقد أخبرتها بأني أحبها ولم أحب قبلها. وقد استطعنا خلال هذه المدة تحقيق بعض الأهداف التي وضعناها.. ثم لاحظت هي كثرة صمتي في الفترات الأخيرة أثناء خروجي معها وعدم إخباري بشيء لما تسألني عن ذلك.. فطلبت مني التخلي عنها وأعطتني الخاتم، وقالت لوالدي إنها لا تريد الزواج مني وهي في حالة غش (لا أعلم السبب في قولها ذلك!).
وبعد أن هدأت قالت إنها لم تشعر بما قالت وأرادت المسامحة لكن والدي رفض بعلة أنها مريضة ولا تستطيع أن تكون زوجة. وكذلك كثير من الناس قالوا لي: اتركها ستتعبك في المستقبل ولن تجد راحة معها؛ فالمريض النفسي لا يشفى طوال عمره.
أنا محتار كثيرا فقد أحببتها وهي كانت دائما تقول لي إنها تحبني.. واستطعنا أن نتقدم في أهدافنا.. وعندما تخطئ تطلب مني المعذرة. ولعلها غدا تكون أفضل لما تصبح ربة بيت ولديها أطفال ومسؤولية.. لكن لا أريد أن أتزوج وبعدها نفترق!
انصحوني.. فأهلي أصبحوا يرفضونها ويقولون إنها لن تشفى.. وأنا واثق بربي خالقي القادر على كل شيء. وشكرا لكم.

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وسددك.. وأصلح لك شأنك كله!
مشكلتك تتمثل في: مرض خطيبتك بمرض عصبي تتعاطى له الدواء.. وله تأثيرات عليها. ومن ثم يرفض أهلك الارتباط بها؛ لأن مرضها مظنة تعذر الشفاء.
وأنت بدورك أصبحت حائرا بين ما تراه بينكما من حب وارتباط.. وبين أملك في شفائها من جهة، وتخوفك من المستقبل من جهة أخرى.
أخي الكريم..
أود قبل الشروع في نصيحتك بخصوص ما ذكرته.. أن ألفت انتباهك الكريم إلى أمر مهم، وهو ما تذكره من خروجك مع خطيبتك:
فهذا أخي لا يجوز في الإسلام قبل عقد الزواج، والنهي عن ذلك من محاسن الدين والأخلاق التي تحفظ العفاف والحياء وبيوت المسلمين، كما أن التساهل فيه يورث الريب والظنون في الحاضر والمستقبل! وكم من القصص تملأ الدنيا في مفاسد ذلك بين مقل ومستكثر!
فاحذر أخي هذا المنزلق.. وصُنْ بنات الناس عنه كما تصون أخواتك؛ حتى لو زعمت عدم حدوث شر بينكما في هذا الخروج، بل هذا الخروج في حد ذاته هو مفسدة ومخالفة للشرع الحكيم، وهو من خطوات الشيطان وتدرجه بالناس إلى المنكرات! قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ..} (النور:21).
أما بخصوص حيرتك بين الأمرين:
فأرى أن تتوجه عاجلا إلى طبيب موثوق (أو أكثر) في هذا التخصص الذي يتعلق بخطيبتك ليضع لك النقاط على الحروف بخصوص مدى حدة هذا المرض ونسب الشفاء منه:
فإن تأكد لك حدته وتأخر أو تعذر الشفاء منه.. فما زلتما على البر!.. وفسخ هذه الخطوبة الآن أهون عليك وعليها من طلاق بعد العقد أو الدخول.. وأنت في ذلك لست بظالم للفتاة (وفقها الله وشفاها).. بل تتفادى ظلمها في المستقبل وعدم التمكن من التوافق معها، لا سيما أنك أقررت بوقوع الحيرة في نفسك!
فإذا تحققت من ذلك: فليكن إنهاء الأمر بأسلوب كريم لا يكسر قلب الفتاة، كأن تتعلل بعذر من كثرة الخلافات بينكما في الفترة الأخيرة.. وأنك رأيت الأنسب لكما إنهاء هذه الخطبة ، ونحو ذلك.
أما إذا تأكد لك أنه مرض يسير ويتم التعايش معه دون ما يعكر حياتكما.. فأنت بالخيار: فلك أن تتزوجها إن آنست من نفسك الارتياح الشديد للفتاة مع توفر مواصفات الدين والخلق. أو تعدل عنها إلى غيرها إن لم تشعر بالارتياح التام.
لكن في الحالتين كلتيهما أخي العزيز.. سواء كان الزواج بهذه الفتاة، أو بدء خطبة جديدة: عليك أن تصحح ما سلف من أخطاء وتجاوزات، وتستمسك بالشرع الحكيم في ضوابط الشرع لمرحلة الخطوبة؛ ففي ذلك الفلاح والنجاح بإذن الله وفضله.
وفقك الله وهذه الفتاة لما يحبه ويرضاه.. ويسر لكما المستقبل الطيب المبارك.