نافذة ثقافية
لكن التغريبيين المنتسبين أصلاً إلى عائلات مسلمة تفوقوا على سادتهم وتجاوزوا قبحهم، عندما نقلوا الكذب الوضيع من الممارسة السياسية إلى الحقل الثقافي، بل إنهم جعلوا الكذب ذاته ثقافة يتبنونها ويروجون لها ولا يجد أحدهم أدنى غضاضة إذا واجهه الناس بأنهم كشفوا أكاذيبه
أكثر أهل الفكر والثقافة من غير المسلمين –لئلا نقول: كلهم- يتفقون معنا على أن الشخصنة نقيض الثقافة. ولذلك ترى أنهم يطلقون على الأفكار الكبرى تسميات تتعلق بمضمونها وليس أسماء المفكرين الذين كانوا روادها. والاستثناءات النادرة في هذا المجال تؤكد القاعدة لدى من يحترمون أنفسهم وجمهورهم من أهل الفكر، وغالباً ما تأتي تلك الاستثناءات من فئة شاذة لا تحترم ذاتها فكيف ستحترم الآخرين؟
جرى إفساد التعليم وتشويه مناهجه ليوائم أهداف الغزاة وتوابعهم، كما سعى القوم إلى إخراج المرأة المسلمة من عفافها وحيائها، على مراحل متدرجة على طريقة بعض الهنود في تعويد أطفالهم على تجرع مقادير متصاعدة من السموم!!
أما بداية الخلل فظهرت في الفترة المتأخرة من عمر الخلافة العثمانية على أيدي نفر منتسبين إلى الإسلام لكنهم مقطوعو الصلة بدينهم وبهوية أمتهم وثقافتها، فتولوا كِبْرَ الدعوة إلى التغريب والتبعية، بل إن الغلاة منهم مرقوا من الإسلام مروق السهم من الرمية فافتروا على الإسلام أنه يعوق العلوم التقنية ويحارب التطور....
من المعلومات المهمة كذلك ميل النصيريين الجلي إلى اليهود وتأثرهم ببعض أباطيلهم كادعائهم الباطل أن الذبيح هو إسحاق لا إسماعيل، وكذلك إقفال المذهب إلا أمام العجم لأنهم يؤمنون بتأليه علي!! والقوم الكفرة هؤلاء يسمون القرآن في كتبهم: الكتاب العربي والنبي : النبي العربي!!
الهدي النبوي الفريد في الحروب يتجلى في توجيهات المصطفى لقادة سراياه المؤمنة: فعن صفوان بن عسال قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سرية فقال: (سيروا باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدا)
كتاب: جهالات عصر التنوير، واحد من الكتب التي تبقى حاجة مهمة لأهل الثقافة الصادقين. فالكتاب تعرية علمية موضوعية لأبرز صنمين من أصنام التغريب في العصر الحديث، هما: قاسم أمين وعلي عبد الرازق، ولو أن المؤلف رحمه الله أضاف إليهما طه حسين لاختصر بذلك كهنة التغريب الأوائل الذين يسميهم أشياعهم حتى اليوم "الرواد"!!
مصطلح الوسطية شديد الانتشار والذيوع في عصرنا الحاضر، لكن استخدامه غير منضبط فبعضهم يضعه في غير سياقه ليحرف الكلم عن مواضعه، ويخرج على الناس بـ"إسلام مستنير" يلائم غايات الغرب العدوانية ويجاري أهواء التغريبيين بحيث لا يبقى من المصحف إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه!!
يبرز المؤلف شبهات القوم ويدكها بالحجة القاطعة ثم يسرد روايات عندهم في أن نكاح المتعة ليس بزواج لا حقيقة ولا مجازاً، لينتهي إلى حقيقة نظرة الشيعة لنكاح المتعة على أنه شهوة جنسية محضة، وازدراء لكرامة المرأة، وبخاصة أنهم –والعياذ بالله- يبيحون التمتع بالمتزوجة وكذلك بالبكر بدون إذن وليها وبالصغيرة في ما دون الوطء!!!
اختار المؤلف الكريم موضوع المتعة ليبين للقارئ غير المتخصص المسافة الشاسعة التي تفصل بين أهل السنة ودين الشيعة الإمامية الاثني عشرية في الأصول والفروع على حد سواء. ولا سيما أن هذا النكاح الباطل يحظى بمكانة كبرى لدى معمميهم وينافحون عنها بكل طاقتهم وكأنها أساس الدين عندهم
إن تركيز الكتاب على البعد العقدي لتلك الجهات المختلفة لا يعني التهوين من شأن المصالح المشتركة والأطماع السياسية التي تلتقي أحياناً وتتنافر أحياناً أخرى، ولكن الغاية الكبرى تظل قائمة وتبقى هي الأصل المُجْمَع عليها بينهم
الشاهد الحي بين أيدينا في معالجة الفيلم المسيء إلى نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، الأمر الذي يطرح تساؤلات عميقة، منها: كيف يثور أناسٌ لأي مساس غربي متقطع بالنبي الكريم ويهون عليهم هجوم بذيء وسافل ومستمر على عرض المصطفى وشتم وضيع لصحبه الفضلاء وطعن حقير في كتاب الله عز وجل؟
كارين أرمسترونج كاتبة غربية اجترأت على الموروث الصليبي الحقود الذي أحاط بها في نشأتها وبخاصة أنها اتجهت إلى الرهبانية التي تضاعف من جرعة العداء إزاء الآخر بعامة والإسلام وأهله بخاصة.
(خمس دقائق وحسب/ تسع سنوات في سجون سورية) عنوان كتاب مهم للسيدة هبة الدباغ، التي تروي محنتها مع جلادي عصابة الأسد في عهد المقبور حافظ الأسد الذي أورث ابنه الجزار الاستبداد بالبلد والدموية الفظيعة وتعذيب السوريين وإذلالهم بصورة نمطية ممنهجة ربما لم يعرف لها التاريخ نظيراً.
( الدولة العلوية-خيار الأسد الأخير) هو عنوان كتيّب -65 صفحة- مهم في موضوعه وفي توقيته،من تأليف الدكتور إبراهيم حمامي،صدر في لندن في شهر يوليو/تموز 2012م.
هو كتاب متميز في بابه لسببين، أولهما: أنه جمع أشتات الأخبار التاريخية المتناثرة في بطون الكتب القديمة المتفرقة والكتب المعاصرة والصحف والدوريات التي تناولت الموضوع عَرَضاً ضمن موضوعات أخرى تتعلق بالرافضة بعامة، والسبب الثاني لتميز هذا الكتاب ربطه الخلفية العقائدية للقوم بخياناتهم المتكررة والمستمرة على مدى تاريخهم الأسود.
هنا أستذكر المفكر الكبير الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله، تلك القامة الفكرية السامقة، والتي كانت تؤرق القوم وتهز مضاجعهم، لأنه تصدى لدجلهم من خلال رؤية إسلامية مدعومة بعمق فكري غزير، وهو القادم من خلفية تغريبية سابقة تغلب عليها الرجل بجرأة نادرة
لعل من يتاح له الاطلاع على تقارير مماثلة تصدر في الغرب أو في الكيان اليهودي نفسه يدرك الفرق الشاسع بين العمل العلمي والعمل المؤدلج ففي الدراسات الصادرة في فلسطين المحتلة يجري ذكر أسماء القوى والتيارات الفكرية والأحزاب السياسية بالأسماء التي تعتمدها تلك الجهات وليس بصفات ملفقة تنبع من عداء واضعي التقرير لها
استهل المؤلف مقدمته بالتركيز على مفهوم النوازل –ومفردها: نازلة- أي: الشدائد، باعتبارها من قضاء الله وقدره الذي يؤمن به المسلمون ويتلقون ما يقضيه ربهم ويقدره بالرضى والتسليم، سواء أكان حلواً أم مُرّاً.لكن التسليم بقضاء الله تعالى لا يعني السلبية ولا الرضوخ للأسباب أو الاستكانة للظروف العابرة، فالرضى بقدر الله مختلف جذرياً عن الرضى بالمقدور ذاته الذي قد يكون نتيجة تقصير أو تفريط
رصد المؤلف بحس مرهف ظاهرة رهيبة من سمات الاسترقاق الغربي المعاصر وإن اتخذ أشكالاً لا تتطابق بالضرورة مع الاسترقاق التقليدي القديم، وهي كما يبرهن الكاتب ثمرة مُرّة من نواتج المادية الغربية بنظرتها الاستعلائية إزاء كل الآخرين، فضلاً عن إعلائها من شأن المكاسب المادية والإسراف في إرضاء النوازع البهيمية على حساب القيم العليا والفطرة السوية